صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ١٣٥
وثانيا: ان النبي نفسه صلى الله عليه وآله، وأمير المؤمنين أيضا، منيا في بعض وقائعهما بمثل هذا الجيش، ولا يؤثر عنهما انهما منعا قبول أمثال هؤلاء الجنود في صفوفهما، ولا طردا أحدا منهم بعد قبوله، مع العلم بأن كلا منهما، جنى بعد ذلك أضرار وجود هذه العناصر في كل من ميدانيهما.
فقالت السير عن واقعة حنين ما لفظه بحرفه: " رأى بعض المسلمين كثرة جيشهم فأعجبتهم كثرتهم، وقالوا سوف لا نغلب من قلة، ولكن جيش المسلمين كان خليطا، وبينهم الكثيرون ممن جاء للغنيمة.. ".
وجاء في حوادث أقفال المسلمين من غزوة بني المصطلق ما يشعر بمثل ذلك.
وقالوا عن حروب علي عليه السلام: " كان جند علي في صفين خليطا من أمم وقبائل شتى، وهو جند مشاكس معاكس لا يرضخ لامر ولا يعمل بنصيحة.. ".
وقال معاوية - فيما يحكيه البيهقي في " المحاسن والمساوئ ": " وكان - يعني عليا عليه السلام - في أخبث جيش وأشدهم خلافا، وكنت في أطوع جند وأقلهم خلافا ".
أقول: وما على الحسن الا أن يسير بسنة جده وبسيرة أبيه، ومن الحيف أن يطالب بأكثر مما اتى به جده وأبوه، وكفى بهما أسوة حسنة وقدوة صالحة.
وكان التحرج في الدين والالتزام بحرفية الاسلام يقيدان الحسن في كل حركة وسكون، ولكنهما لا يقيدان خصومه فيما يفعلون أو يتركون، ولولا ذلك لرأيت تاريخ هذه الحقبة من الزمن تكتب على غير ما تقرأه اليوم.
وثالثا: فان معالجة الوضع بما يرجع اليه رؤساء الجيوش في تنقية جيوشهم
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 138 139 140 218 ... » »»