حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٣٣٩
متى؟ فقد وقته، ومن قال: فيم؟ فقد ضمنه، ومن قال: إلام؟ فقد نهاه، من قال:
حتام فقد غياه (1) ومن غياه فقد غاياه، ومن غاياه فقد جزأه ومن جزأه وصفه، ومن وصفه فقد الحد فيه، لا يتغير الله بانغيار المخلوق، كما لا يتحدد بتحديد المحدود، أحد لا بتأويل عدد، ظاهر لا بتأويل المباشرة، متجل لا باستهلال رؤية، باطن لا بمزايلة، مبائن لا بمسافة، قريب لا بمداناة، لطيف لا بتجسم، موجود لا بعد عدم، فاعل لا باضطرار، مقدر لا بحول فكرة (2) مدبر لا بحركة، مريد لا بهمامة، شاء لا بهمة، مدرك لا بمجسة (3) سميع لا بآلة، بصير لا بأداة.
لا تصحبه الأوقات، ولا تضمنه الأماكن، ولا تأخذه السنات (4) ولا تحده الصفات، ولا تقيده الأدوات، سبق الأوقات كونه، والعدم وجوده (5) والابتداء أزله، بتشعيره المشاعر عرف ان لا مشعر له (6) وبتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له، وبمضادته بين الأشياء عرف ان لا ضد له، وبمقارنته بين الأمور عرف ان لا قرين له، ضاد النور بالظلمة، والجلاية بالبهم، والجسو (7) بالبلل، والصرد (8) بالحرور، مؤلف بين متعادياتها، مفرق بين متدانياتها، دالة بتفريقها على مفرتها، وبتأليفها على مؤلفها، ذلك قوله عز وجل: (ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) (9) ففرق بها بين قبل وبعد، ليعلم ان لا قبل له ولا بعد، شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها، دالة بتفاوتها ان لا تفاوت لمفاوتها، مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها، حجب بعضها عن بعض ليعلم ان لا حجاب بينه وبينها غيرها.

(1) المعنى انه من سأل عن حد أو نهاية أو غاية ذلك فيما يتعلق بذات الخالق العظيم، فإنه قد ضل ضلالا بعيدا، وانحرف عن الحق إذ كيف يصل الانسان المحدود فكرة إلى معرفة الله تعالى.
(2) لا بحول فكرة: أي لا بقوة الفكر.
(3) المجسة: آلة الحس.
(4) السنة: النعاس.
(5) اي سبق وجوده العدم.
(6) عرف ان لا مشعر له: يعني انه تعالى لعلوه عن مرتبة المصنوع عرف ان لا مشعر له.
(7) الجسو: المس.
(8) الصرد: بفتح الصاد، وكسر الراء من يجد البرد سريعا، ومنه رجل مصراد لمن يشتد عليه البرد ولا يطيقه، مجمع البحرين.
(9) سورة الذاريات: آية 49 والآية استشهاد للمضادة، والمعنى من كل شئ خلقنا ضدين كالأمثلة المذكورة بخلافة تعالى فإنه لا ضد له.
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»
الفهرست