حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٠
الثراء العريض جزاء لخدماته للمأمون وقمعه للثورات المعادية له، ومن الطبيعي أن تلك الأموال انما هي من الخزينة المركزية التي هي ملك لجميع المسلمين، ومما لا شبهة فيه أنه لا يجوز التفريط بأقل القليل من أموال المسلمين ولا يجوز أن تعطى مكافأة أو غير ذلك إلى أي شخص، وانما يجب انفاقها على صالح المسلمين وتطوير حياتهم، وانعاشهم ونشر الرخاء عليهم، فكيف جاز للامام ان يجيز ذلك ويقر منح هذه الأموال للفضل.
ثانيا: ان هذه الوثيقة قد حوت آيات من المدح والثناء على المأمون والفضل بن سهل، والطعن في ثورة أبي السرايا وثورة جعفر بن محمد الطالبين، وكل ذلك ليس من خلق الإمام الرضا (عليه السلام)، فهو لا يمدح أحدا حتى يكون جديرا بالمدح والثناء، ولا يذم كذلك أحدا حتى يكون جديرا بالذم والتوهين، كانت هذه سيرته ومنهجه، فكيف يمنح المأمون هذا الثناء، وكيف يمدح هذا الفضل بهذا المدح؟ مع العلم انه سلام الله عليه كان يكن في أعماق نفسه ودخائل ذاته الكراهية والبغضاء لهما، وذلك لعلمه بما انطوت عليه نفوسهما من الشر، والحقد عليه، وانما قام المأمون بتكريم الامام ومنحه ولاية العهد لمناورة سياسية لم تكن خافية عليه.
ثالثا: إن هذه الوثيقة تتنافى مع ما اشترطه الإمام (عليه السلام) على المأمون في قبوله لولاية العهد أن لا يتدخل في أي أمر من أمور الدولة، ويكون بمعزل عن جميع الاحداث السياسية، فكيف يتدخل في أمر الفضل، ويجازيه على اخلاصه للمأمون، وعلى سعيه في اخماد الثورات الملتهبة التي اندلعت ضد المأمون؟!!.
هذه بعض المؤاخذات التي تواجه نسبة هذه الوثيقة للإمام الرضا (عليه السلام).
مع أخيه زيد:
وانضم زيد إلى الثورة التي أعلنها أبو السرايا داعية محمد بن إبراهيم الحسني، وقد قلد زيدا ولاية (الأهواز)، فسار إليها ليتولى مهام منصبه، فاجتاز على (البصرة)، وكانت خاضعة للحكم العباسي فأحرق دور بني العباس، ومن أجل ذلك لقب بزيد النار، ولما فشلت ثورة أبي السرايا، واستتر زيد فطلبه الحسن بن سهل فظفر به، فحسبه، ولم يزل في الحبس حتى ظفر إبراهيم شيخ المغنيين المعروف بابن شكلة، فهجم البغداديون على السجن، وأخرجوا زيدا من السجن، ومضى إلى يثرب، ودعا
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»
الفهرست