حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٤
وعشرين دينارا، والكثير إليك، اني انما أريد أن يوفقك الله، فاتق الله، واعط ولا تخف من ذي العرش أقتارا... " (1).
أرأيتم هذه النفس الملائكية التي طبعت على البر والمعروف والاحسان إلى الناس... لقد كان الكرم عنصرا من عناصر الامام ومقوما من مقوماته، فقد حث ولده الجواد على صلة أرحامه، والبر بالبؤساء.
لقد حكت هذه الرسالة لونا من ألوان التربية الرفيعة لأهل البيت (عليهم السلام) فقد كانوا يربون أبنائهم على الشرف والفضيلة، ويغرسون في نفوسهم مكارم الأخلاق، ومحاسن الصفات، ليكونوا أمثلة للخير، وقدوة حسنة لهذه الأمة.
كتاب الحباء والشرط:
نسب هذا الكتاب إلى الإمام الرضا (عليه السلام)، وقد حفل بالثناء على الفضل بن سهل، والإشادة بجهوده الجبارة في إقامة ملك المأمون، ودحر الناهضين له من أخيه الأمين وأبي السرايا وغيرهما، فقد بذل جميع طاقاته حتى قضى على تلك الثورات العارمة، وقد جزاه المأمون فمنحه الثراء العريض، ووهبه الأموال الطائلة، كما وهب مثل ذلك لأخيه الحسن بن سهل مجازاة لهما على عظيم اخلاصهما للمأمون، وها هو نص الكتاب بعد البسملة:
" أما بعد: فالحمد لله البدئ الرفيع، القادر، القاهر، الرقيب على عباده المقيت على خلقه، الذي خضع كل شئ لملكه، وذل كل شئ لعزته واستسلم كل شئ لقدرته، وتواضع كل شئ لسلطانه، وعظمته، وأحاط بكل شئ علمه، وأحصى عدده، فلا يؤوده كبير، ولا يعزب عنه صغير، الذي لا تدركه أبصار الناظرين، ولا تحيط به صفة الواصفين، له الخلق والامر والمثل الاعلى في السماوات والأرض، وهو العزيز الحكيم.
والحمد لله الذي شرع للاسلام دينا، ففضله، وعظمه، وشرفه، وكرمه، وجعله الدين القيم الذي لا يقبل غيره، والصراط المستقيم الذي لا يضل من لزمه، ولا يهتدي من صرف عنه، وجعل فيه النور والبرهان، والشفاء والبيان، وبعث به من

(١) الدر النظيم ورقة 215 - 216.
(٣٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 ... » »»
الفهرست