109 - فإني من الرحمن أرجوا بحبهم * حياة لدى الفردوس غير بتات (1) 110 - عسى الله أن يأوي لذا الخلق انه * إلى كل قوم دائم اللحظات 111 - فان قلت عرفا أنكروه بمنكر * وغطوا على التحقيق بالشبهات 112 - أحاول نقل الشمس عن مستقرها * واسمع أحجارا من الصلدات 113 - فمن عارف لم ينتفع ومعاند * يميل مع الأهواء والشهوات 114 - قصارى منهم أن أموت بغصة * تردد في صدري وفي اللهوات 115 - كأنك بالاضلاع قد ضاق رحبها * لما ضمنت من شدة الزفرات (2) وانتهت هذه القصيدة العصماء التي نالت رضا الامام ودعاءه لدعبل بالفوز يوم الفزع الأكبر.
وقد تأثر الامام كأشد ما يكون التأثر في الأبيات التي رثى بها دعبل الإمام الحسين (عليه السلام)، فقد بكى الامام أمر البكاء، وأغمي عليه غير مرة، فقد نخبت قلبه فاجعة كربلا، وكان يقول: إن أمر الحسين أسهر جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذل عزيزنا، يا ارض كرب وبلاء أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فان البكاء عليه يحط الذنوب والعظام (3).
ويشتد حزن الامام ويتضاعف أساه إذا حل شهر المحرم، وقد قال: كان أبي صلوات الله عليه إذا دخل شهر محرم لا يرى ضاحكا، وكانت الكارثة تغلبه حتى تمضي منه عشرة أيام، فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه، وكان يقول: " هذا اليوم الذي قتل فيه الحسين (4).
وقال (عليه السلام): إن المحرم شهر كان أهل الجاهلة يحرمون فيه القتال، فاستحلت فيه دماؤنا، وانتهكت فيه حرمتنا وسبيت فيه ذرارينا ونساؤنا، وأضرمت النيران في مضاربنا وانتهبت ما فيه من ثقلنا، ولم يرعوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) حرمة في أمرنا (5).