عذاب جهنم، ان عذابها كان غراما، انها ساءت مستقرا ومقاما، لا تطفى، وعيون لا ترقى، ونفوس لا تموت، ولا تحيى في السلاسل والاغلال، والمثلات والنكال، كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب، ان الله كان عزيزا حكيما، نار أحاط بها سرادقها، فلا يسمع لهم نداء، ولا يجاب لهم دعاء ولا يرحم لهم بكاء، ففروا عباد الله إلى الله بهذه الأنفس الفانية، في الصيحة المتوالية، في الأيام الخالية، من قبل أن ينزل بكم الموت، فيغصبكم أنفسكم، ويفجعكم بمهجكم، ويحول بينكم وبين الرجعة هيهات حضرت آجالكم، وختمت أعمالكم، وجفت أقلامكم، فلا للرجعة من سبيل، ولا إلى الإقامة من وصول عصمنا الله وإياكم بما عصم به أولياءه الأبرار، وأرشدنا وإياكم لما أرشد له عباده الأخيار... " (1).
وحفلت هذه الخطبة بالدعوة إلى فعل الخير، واجتناب الحرام والزهد في الدنيا، والتحذير من عذاب الله وعقابه.
المأمون يطلب من الامام محاسن الشعر:
وطلب المأمون من الإمام (عليه السلام) ان ينشده أحسن ما رواه في الحلم، فقال (عليه السلام) أحسن ما رويته هذه الأبيات:
إن كان دوني من بليت بجهله * أبيت لنفسي أن أقابل بالجهل وإن كان مثلي في محلي من النهي * هربت لحلمي كي أجل عن المثل وان كنت أدنى منه في الفضل والحجى * عرفت له حق التقدم والفضل واعجب المأمون بهذه الأبيات وانبرى يقول:
" من قائله؟... ".
" بعض فتياننا... ".
وقال المأمون: أنشدني أحسن ما رويته في السكوت عن الجاهل، فقال (عليه السلام) هذه الأبيات:
إني ليهجرني الصديق تجنبا * فأريه أن لهجره أسبابا وأراه ان عاتبته أعريته * فأرى له ترك العتاب عتابا وإذا ابتليت بجاهل متحلم * يجد المحال من الأمور صوابا أوليته مني السكوت وربما * كان السكوت عن الجواب جوابا