وروى الريان بن شبيب قال: دخلت على الرضا في أول يوم من المحرم فقال لي:
" يا بن شبيب أصائم أنت؟ ".
" لا... ".
وأخذ الامام يعرفه حرمة ذلك اليوم قائلا:
" هذه اليوم الذي دعا فيه زكريا ربه عز وجل، فقال: يا رب هب لي من لدنك ذرية طيبة، إنك سميع الدعاء، فاستجاب الله له وأمر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلى في المحراب: ان الله يبشرك بيحيى، فمن صام هذا اليوم، ثم دعا الله عز وجل استجاب له، كما استجاب لزكريا.
يا بن شبيب إن المحرم هو الشهر الذي كان فيه أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم والقتال لحرمته، فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها، ولا حرمة نبيها، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته، وسبوا نساءه، وانتهبوا ثقله، فلا غفر الله ذلك لهم أبدا.
يا بن شبيب ان كنت باكيا لشئ فابك الحسين بن علي بن أبي طالب، فإنه ذبح كما يذبح الكبش، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم في الأرض شبيه، ولقد بكت السماوات السبع، والأرضون لقتله، ولقد نزلت إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصرته فوجدوه قد قتل، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم (عليه السلام) فيكونون معه من أنصاره وشيعته، وشعارهم: " يا لثارات الحسين " (1).
لقد أخلدت كارثة كربلا الحزن والأسى لأهل البيت (عليهم السلام) فهم وشيعتهم في حزن مستمر لا ينسون ما حل بسبط الرسول (صلى الله عليه وآله) من عظيم المحن والرزايا، فقد انتهكت في يوم عاشوراء حرمة النبي (صلى الله عليه وآله)، فلم يرع في ذلك اليوم الخالد في دنيا الأحزان أي حرمة لله، ولا لرسوله (صلى الله عليه وآله)، فقد عمد جيش ابن مرجانة إلى قتل سبط رسول الله (ص) بتلك القتلة المروعة...
ولنعد بعد هذا إلى متابعة شؤون الامام في (خراسان).