حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٩
علة أخرى. قال (عليه السلام):
وعلة أخرى: إن الله أحب أن يبدأ الناس في كل عمل أولا بطاعته فأمرهم أول النهار أن يبدؤا بعبادته ثم ينتشروا فيما أحبوا من مرمة دنياهم فأوجب صلاة الغداة عليهم فإذا كان نصف النهار وتركوا ما كانوا فيه من الشغل وهو وقت يضع الناس فيه ثيابهم ويستريحون ويشتغلون بطعامهم وقيلولتهم فأمرهم أن يبدؤا أولا بذكره وعبادته فأوجب عليهم الظهر ثم يتفرغون لما أحبوا من ذلك فإذا قضوا وطرهم وأرادوا الانتشار في العمل لآخر النهار بدؤا أيضا بطاعته ثم صاروا إلى ما أحبوا من ذلك فأوجب عليهم العصر ثم ينتشرون فيما شاؤوا من حرمة دنياهم فإذا جاء الليل ووضعوا زينتهم وعادوا إلى أوطانهم ابتدؤا أولا بعبادة ربهم ثم يتفرغون لما أحبوا من ذلك فأوجب عليهم المغرب فإذا جاء وقت؟؟ النوم وفرغوا مما كانوا به مشتغلين أحب أن يبدؤا أولا بعبادته وطاعته ثم يصيرون إلى ما شاؤوا ان يصيروا إليه من ذلك فيكونون قد بدؤا في كل عمل بطاعته وعبادته فأوجب عليهم العتمة (1) فإذا فعلوا ذلك لم ينسوه ولم يغفلوا عنه ولم تقس قلوبهم ولم تقل رغبتهم ".
وألم كلام الإمام (عليه السلام) بالحكم والمصالح التي من أجلها شرعت الصلاة في هذه الأوقات الخاصة ولم تشرع في غيرها.
10 - صلاة العصر:
قال (عليه السلام): " فإن قال قائل: فلم إذا لم يكن للعصر وقت مشهور مثل تلك الأوقات أوجبها بين الظهر والمغرب ولم يوجبها بين العتمة والغداة وبين الغداة والظهر؟
قيل: لأنه ليس وقت على الناس أخف ولا أيسر ولا أحرى أن يعم فيه الضعيف والقوي بهذه الصلاة من هذا الوقت وذلك أن الناس عامتهم يشتغلون في أول النهار بالتجارة والمعاملات والذهاب في الحوايج وإقامة الأسواق فأراد أن لا يشغلهم عن طلب معاشهم ومصلحة دنياهم وليس يقدر الخلق كلهم على قيام الليل ولا يشعرون به ولا ينتبهون لوقته لو كان واجبا ولا يمكنهم ذلك فخفف

(1) العتمة: ثلث الليل الأول بعد غيبوبة الشفق والعشاء الآخرة
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست