حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٧
من ذا أصابك يا بغداد بالعين * ألم تكوني زمانا قرة العين ألم يكن فيك قوم كان قربهم * وكان مسكنهم زينا من الزين صاح الزمان بهم بالبين فانقرضوا * ماذا لقيت بهم من لوعة البين (1) ورثى شاعر آخر بغداد وما حل بأهلها من الخطوب والنكبات يقول:
بكت عيني على بغداد لما * فقدت غضارة العيش الأنيق تبدلنا هموما من سرور * ومن سعة تبدلنا بضيق أصابتنا من الحساد عين * فأفنت أهلنا بالمنجنيق فقوم أحرقوا بالنار قسرا * ونائحة تنوح على غريق وصائحة تنادي يا صحابي * وقائلة تقول أيا شقيقي وحوراء المدامع ذات دل * مضمخة المجاسد بالخلوق تنادي بالشفيق فلا شفيق * وقد فقد الشفيق مع الرقيق وقوم أخرجوا من ظل دنيا * متاعهم يباع بكل سوق ومغترب بعيد الدار ملقى * بلا رأس بقارعة الطريق توسط من قتالهم جميعا * فما يدرون من أي الفريق فلا ولد يقيم على أبيه * وقد هرب الصديق عن الصديق (2) وحكت هذه القصيدة الحالة الراهنة في بغداد من انتشار القتل، وفقدان الامن، وشيوع الخوف في جميع ارجاء بغداد.
قتل الأمين:
وكان الأمين في تلك المحنة الحازبة مشغولا بلهوه وطربه، وقد أحاطت به جيوش المأمون، ويروي المؤرخون أنه كان يصطاد سمكا مع جماعة من الخدم وكان من بينهم (كوثر) وكان مغرما به فخرج ينظر إلى الجيش المحيط بالقصر فاصابته شجة في وجهه فجعل يبكي، فوجه الأمين من جاء به فجعل يمسح الدم من وجهه وهو يقول:
ضربوا قرة عيني ومن أجلي ضربوه * أخذ الله من قلبي لأناس حرقوه (3)

(1) مروج الذهب 3 / 316.
(2) مروج الذهب 3 / 317.
(3) روضة الأعيان في اخبار مشاهير الزمان مصور في مكتبة السيد الحكيم تسلسل 3902 ورقة 103.
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»
الفهرست