والتقى الجيشان ب (الري)، والتحما في معركة رهيبة، جرت فيها أنهار من الدماء، وأخيرا انتصر جيش المأمون على جيش الأمين، وقتل القائد العام لقواته المسلحة، وانتهت جميع أمتعته وأسلحته، وكتب طاهر بن الحسين إلى الفضل بن سهل وزير المأمون يخبره بهذا الانتصار الرائع، ويهنئه فيه، وجاء في رسالته " كتبت إليك ورأس علي بن عيسى في حجري وخاتمه في يدي والحمد لله رب العالمين ".
وبادر الفضل فسلم عليه بالخلافة وبشره بهذا الانتصار، وأيقن المأمون بالنصر فبعث إلى طاهر بالهدايا والأموال، وشكره شكرا جزيلا على ذلك وسماه (ذا اليمينين، وصاحب خيل اليدين) وأمره بالتوجه إلى العراق لاحتلال بغداد، والقضاء على أخيه.
ولما علم الفضل بن الربيع وزير الأمين بهزيمة الجيش، ومقتل علي بن عيسى بن ماهان أسقط ما في يده، وأيقن بالرزء القاصم الذي حل بهم، وفي ذلك يقول الشاعر:
عجبت لمعشر يرجون نجحا * لأمر ما تتم به الأمور وكيف يتم ما عقدوا وراموا * وأس بنائهم فيه الفجور أهاب إلى الضلال بهم غوي * وشيطان مواعده غرور يصيب بهم ويلعب كل لعب * كما لعبت بشاربها الخمور وكادوا الحق والمأمون غدرا * وليس بمفلح أبدا غرور هو العدل النجيب البر فينا * تضمن حبه منا الصدور وعاقبة الأمور له يقينا * به شهد الشريعة والزبور (1) وحكى هذا الشعر انتصار المأمون، وانه الفائز بالخلافة وانه لا يتم أمر الأمين لان الذين ناصروه كان أس بنائهم قائما على الفجور والبغي، وان أنصاره قد أهاب بهم الضلال والغي، وان المنتصر هو المأمون فإنه العدل النجيب الذي عقد له الولاء في قلوب الناس.
محاصرة بغداد:
وخفت جيوش المأمون إلى احتلال بغداد بقيادة طاهر بن الحسين، وقد