حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٩
حومة المأمون:
وقبل أن نتحدث عن شؤون الإمام الرضا (عليه السلام) في عهد المأمون، نعرض - بايجاز - إلى اعطاء صورة عنه، وهي كما يلي:
أمه:
أما أم المأمون فكانت أمة وهي إحدى خدامات قصر الرشيد، وقد عهد إليها بطبخ الطعام، ويصفها المؤرخون بأنها كانت أشوه وأقذر جارية في مطبخ الرشيد، أما السبب في ملامسة الرشيد لها فتعزوه بعض المصادر إلى أن السيدة زبيدة لعبت مع الرشيد الشطرنج فغلبته، فحكمت عليه أن يطأ أقبح جارية في المطبخ، وهي (مراجل) فأبى هارون ذلك، وبذل لها خراج مصر والعراق لتعفيه، فأبت، ولم تقبل، وانصاع إلى حكمها فوطأ (مراجل) فعلقت منه المأمون (1) وقد ولد سنة (170 ه‍) وهي السنة التي استخلف بها الرشيد، فلما بشر به سماه المأمون تيمنا بذلك (2) وقد توفيت أمه في النفاس، وقد تولى تربيته الفضل بن سهل.
وقد اتخذ الحاقدون على المأمون من أمه وسيلة لهجائه والتشهير به، وعدم لباقته لتولي منصب الخلافة، يقول له أخوه الأمين:
وإذا تطاولت الرجال بفضلها * فاربع فإنك لست بالمتطاول أعطاك ربك ما هويت وانما * تلقى خلاف هواك عند مراجل تعلو المنابر كل يوم آملا * ما لست من بعدي بواصل (3) وفي أيام الفتنة عيره بأمه وكتب إليه:
يا بن التي بيعت بأبخس قمية * بين الملا في السوق هل من زائد ما فيك موضع غرزة من أبوة * إلا وفيه نطفة من واحد فرد عليه المأمون:
وانما أمهات الناس أوعية * مستودعات وللامات اكفاء فلرب معربة ليست بمنجبة * وطالما أنجبت في الخدر عجماء (4)

(1) حياة الحيوان للدميري 1 / 72.
(2) عصر المأمون 1 / 210.
(3) تأريخ الخلفاء للسيوطي (ص 304).
(4) محاسن بغداد دار السلام (ص 121).
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست