جلاديه بقتلهم والتنكيل بهم أينما وجدوا (1).
الدهاء:
ولم تعرف الدبلوماسية الاسلامية في العصر العباسي من هو أدهى من المأمون، ولا من هو أدرى منه في الشؤون السياسية، فقد كان سياسيا من الطراز الأول، فقد استطاع بدهائه ان يتغلب على كثير من الاحداث الرهيبة التي المت به، وكادت تطوي حياته وسلطانه، فقد استطاع بمهارة فائقة أن يقضي على أخيه الأمين الذي كان يتمتع بتأييد مكثف من قبل الأسرة العباسية والقيادات العسكرية العليا، كما استطاع أن يقضى على أعظم ثورة مضادة له، تلك ثورة القائد الملهم أبي السريا، التي اتسع نطاقها فشملت معظم الأقاليم الاسلامية، وقد سقط معظمها بأيدي الثوار، وكان شعار الثورة الدعوة إلى الرضا من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، وقد حمل الإمام الرضا (عليه السلام) قسرا إلى (خراسان)، وهو الزعيم الأوحد للأسرة العلوية، والمرجع العام للعالم الاسلامي، فأرغمه على قبول ولاية العهد وعهد إلى جميع أجهزة حكومته بإذاعة مآثر الامام أمير المؤمنين وباقي افراد الأئمة الطاهرين، كما ضرب السكة باسم الإمام الرضا (عليه السلام)، وقد أوهم الثوار والقوى العسكرية التي كان معظمها يدينون بالولاء لأهل البيت (عليهم السلام) بأنه علوي العقيدة وانه جاد في تحويل الخلافة إلى العلويين حتى أيقنوا أنه لا حاجة لاستمرار الثورة، وإراقة الدماء وقضى بذلك على الثورات كما تعرف في نفس الوقت على العناصر الشيعية التي عجز آباءه عن معرفتهم، وهذا التخطيط السياسي فيما أحسب من أروع المخططات السياسية التي عرفها العالم في جميع مراحل التأريخ (2).
الميل إلى اللهو:
وكان المأمون شديد الميل إلى اللهو، وكان بعض ما أثر عنه في ذلك ما يلي:
أ - لعبه بالشطرنج:
وأهم لعبة عند المأمون وأحبها إليه هي الشطرنج (3) فقد هام فيها، وقد وصفها بهذه الأبيات: