الرشيد هو المسؤول عن هذه الاحداث:
والقى الرشيد العداء والفتنة بين أبنائه فقد نصب الأمين ملكا من بعده وجعل المأمون ولي عهده، وكتب بذلك العهود والمواثيق، وأشهد عليها، وعلقها في جوف الكعبة، مع علمه بالعداء العارم بين الأخوين فكانت النتيجة هي الاحداث المؤسفة التي ذهب ضحيتها عشرة آلاف من المواطنين، وتخربت بغداد، وقد أعرب بعض الشعراء عن أسفه العميق على ما فعله الرشيد يقول:
أقول لغمة في النفس مني * ودمع العين يطرد اطرادا خذي للهول عدته بحزم * ستلقي ما سيمنعك الرقادا فإنك إن بقيت رأيت أمرا * يطيل لك الكآبة والسهادا رأى الملك المهذب شر رأي * بقسمته الخلافة والبلادا رأى ما لو تعقبه بعلم * لبيض من مفارقة السوادا أراد به ليقطع عن بنيه * خلافهم ويبتذلوا الودادا فقد غرس العداوة غير آل * وأورث شمل ألفتهم بدادا والقح بينهم حربا عوانا * وسلس لاجتنابهم القيادا فويل للرعية عن قليل * لقد اهدى لها الكرب الشدادا والبسها بلاء غير فان * وألزمها التضعضع والفسادا ستجري من دمائهم بحور * زواخر لا يرون لها نفادا فوزر بلائهم أبدا عليه * أغيا كان ذلك أم رشادا (1) الحروب الطاحنة:
وبعد ما خلع الأمين أخاه المأمون رسميا عن ولاية العهد، وأبلغه ذلك ندب إلى حربه علي بن عيسى، ودفع إليه قيدا من ذهب، وقال له: أوثق المأمون، ولا تقتله حتى تقدم به إلي، وأعطاه مليوني دينار سوى الأثاث والكراع، ولما انتهت الانباء من بغداد بالاجراءات التي أتخذها الأمين ضد أخيه، بادر المأمون فخلع أخاه، ونصب نفسه حاكما عاما على العالم الاسلامي وقطع الخراج عن الأمين، وألغى اسمه من الطراز والدراهم والدنانير، وأعلن الخروج عن طاعته، وندب إلى قتاله طاهر بن الحسين وهرثمة بن أعين، وجهزهما بجيش.