حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٤١
جانبه فساء ذلك حميد، وقال للمأمون: " يا أمير المؤمنين لا أماتني الله حتى يريني الدنيا عليك سهلة حتى ترى أينا أنفع لك ".
وانتهز أحمد هذه الفرصة فقال للمأمون:
" يا أمير المؤمنين انما يتمنى فساد ملكك والفتنة ".
فغضب المأمون وقام عن المائدة، ولم يتم غذاءه، وقد أضمر ذلك في نفسه، ولما أراد البناء ب‍ (بوران) قال لحميد: يا أبا غانم قد أذنت لك في الحج، فانصرف حميد مسرورا وأمر بتهيئة أسباب السفر، ودخل جبريل بن بختيشوع على حميد فقال له: يا أبا غانم طر بدنك فاني أرجو أن تأتي بكل جارية معك حاملا، وكان حميد مغرما بالنكاح ثم سقاه شربة، وكان في مجلسه عبد الله الطيفوري، وكان متطببا فلما رأى الشربة فهم الامر، فقال لجبريل:
" أبو غانم قد ضعف عن هذه؟ ".
وقصد بذلك أنه انكشف له ما دبر لأبي غانم من الاغتيال، وتناول أبو غانم الشربة، فأثرب به في الوقت، وجعل الطيفوري يداويه حتى تماثل للشفاء قليلا إلا أنه بعد ذلك أشربه السم وقضى عليه (1).
4 - الفضل بن سهل:
واغتال المأمون الفضل بن سهل، وكان وزيره ومستشاره إلا أنه خشي منه فدس إليه من قتله في الحمام، وسنوضح ذلك في البحوث الآتية.
هؤلاء بعض الذين اغتالهم المأمون، ومقتديا بمعاوية فهو أول الملوك الذين فتحوا باب الاغتيال والغدر في الاسلام.
القسوة:
وظاهرة أخرى من صفات المأمون وهي القسوة وانعدام الرأفة من نفسه، فقد قتل أخاه، وحمل رأسه إليه، ولو كانت عنده نزعة من الرحمة لعفا عن أخيه بعد ما طلب العفو والأمان وتسليم السلطة إليه، ومن قسوته انه ما اغتال الإمام الرضا (عليه السلام) قابل السادة العلويين بمنتهى الشدة والصرامة، فعهد إلى

(1) أسماء المغتالين (ص 199).
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست