محاربته اقتصاديا لئلا يقوى على مناهضته وكان في المجلس مخارق المغني فتألم وانبرى إلى هارون قائلا:
" يا أمير المؤمنين، قد دخلت المدينة، وأكثر أهلها يطلبون مني شيئا، وان خرجت ولم أقسم فيهم شيئا لم يتبين لهم فضل أمير المؤمنين علي، ومنزلتي عنده ".
فامر له هارون بعشرة آلاف دينار، فقال له مخارق:
" يا أمير المؤمنين هذا لأهل المدينة، وعلى دين احتاج أن أقضيه ".
فأمر له بعشرة آلاف دينار، ثم قال له: بناتي أريد أن أزوجهن فأمر له بعشرة آلاف دينار، وقال له: لا بد من غلة تعطينيها ترد علي وعلى عيالي وبناتي فأمر له باقطاع (1) تبلغ وارداتها في السنة عشرة آلاف دينار، وأمر أن يعجل ذلك له، وقام مخارق مسرعا إلى بيت الإمام الكاظم (عليه السلام)، فلما انتهى إليه استأذن على الامام فاذن له فقال له:
" قد وقفت على ما عاملك هذا الطاغية، وما أمر لك به، وقد احتلت عليه لك، واخذت منه صلات ثلاثين ألف دينار وأقطاعا تغل في السنة عشرة آلاف دينار، ولا والله يا سيدي ما احتاج إلى شئ من ذلك، ما أخذته إلا لك وأنا اشهد لك بهذه القطاع، وقد حملت المال لك ".
فشكره الإمام (عليه السلام) على ذلك، وقال له: " بارك الله لك في مالك، وأحسن جزاءك، ما كنت لآخذ منه درهما واحدا، ولا من هذه الأقطاع شيئا، وقد قبلت صلتك وبرك، فانصرف راشدا ولا تراجعني في ذلك ".
وقبل مخارق يد الإمام (عليه السلام)، وانصرف عنه (2).
وحكت هذه الرواية ما يلي:
1 - احتفاء الرشيد بالامام الكاظم (عليه السلام) في حين أنه لم يحفل بأي انسان كان، فقد سيطر على أغلب أنحاء الأرض وسرى اسمه في الشرق والغرب.
2 - اعتراف هارون بان الإمام الكاظم (عليه السلام) هو حجة الله على