حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٣
بارك الله للأمين وأبقاه * له رداء الشباب ملك تقصر المدائح عنه * هاشمي موفق للصواب (1) هذه بعض نزعات الأمين وصفاته وهي تحكي صورة انسان تافه قد اتجه صوب ملذاته وشهواته، ولم يعن بأي حال من الأحوال في شؤون الدولة الاسلامية، وانما كان متجها نحو شهواته.
خلعه للمأمون:
وتقلد الأمين الخلافة يوم وفاة أبيه الرشيد، وقد تسلم خاتم الخلافة، والبردة، والقضيب التي كان يتسلمها الملوك من قبله من بنى العباس.
ولم يمض زمان طويل من الوقت حتى فسدت العلائق ما بين الأمين والمأمون، فقد لعبت الحواشي المحيطة بهما في خلق الأزمات بينهما وتبودلت الرسائل بينهما وهي تحمل السباب والشتائم، لكل منهما وليس فيها أي دعوة إلى المودة والصفاء، وعمد الأمين فخلع رسميا أخاه المأمون عن ولاية العهد وجعلها لولده موسى وهو طفل صغير في المهد، وسماه الناطق بالحق، وأرسل إلى الكعبة المقدسة من جاء بكتاب العهد الذي علقه فيها الرشيد، وجعل فيه ولاية العهد إلى المأمون، وحينما أتى به مزقه، ولم يف به، وكان ذلك فيما يقول المؤرخون برأي الفضل بن الربيع، وبكر بن المعتمر في نكثه للعهد وبيعته لولده يقول رجل أعمى من أهل بغداد:
أضاع الخلافة غشى الوزير، * وفعل الامام، ورأى المشير وما ذاك الا طريق الغرور * وشر المسالك طرق الغرور فعال الخليفة أعجوبة * وأعجب منه فعال الوزير وأعجب من ذا وذا أننا * نبايع للطفل فينا الصغير ومن ليس يحسن مسح أنفه * ولم يخل من متنه حجر ظير وما ذاك الا بباغ وغاو * يريد ان نقض الكتاب المنير وهذان لولا انقلاب الزمان * في العبر هذان أم في التفكير ولكنها فتن كالجبال * ترفع فيها بصنع الحقير (2)

(1) أبو نواس (ص 103 - 104) لابن منظور.
(2) مروج الذهب 3 / 309.
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست