حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ١٩٤
ولنستمع إلى بشار في أرجوزته التي يمدح فيها يزيد بن المهلب عامل المنصور الدوانيقي على (إفريقية) يقول:
وصبية أكبرهم صغير * إليك من خوف البلايا مور أما ترى فأنت بي بصير * طالب خير خطوه قصير قد ساقه القحط ودهربور * بل غال نومي بائع مسعور يمشي برق بطنه مسطور * يهولني لقاؤه المحذور وأنا من رؤيته مذعور * يروعني وليس لي مجير إني لما أوليتني شكور * فهل لما بي من اذى تغيير (1) أرأيتم كيف كانت المجاعة سائدة في العصور العباسية الأولى لقد استجار هذا الشاعر بابن المهلب لينقذه من ويلات الفقر وكوارث البؤس، ويقول هذا الشاعر راجيا يعقوب ابن داود:
يا أيها الرجل الغادي لحاجته * عند الخليفة بين المطل والجود إن الحوائج قد سدت مطالعها * فابعث لها جاه يعقوب بن داود قالت فطيمة: صم فينا فقلت لها: * إن شاء يعقوب صمنا يا ابنة الجود إذا ابن داود أعطاني معونته * كان الفراغ ولم أربع على عود (2) أرأيتم هذا التذلل والاستعطاف، فقد سدت نوافذ العيش على أغلب الطبقات، وعانى الناس الجوع والحرمان.
الضرائب الثقيلة على المواريث:
ومن ظلم العباسيين وجورهم أنهم فرضوا الضرائب الباهظة على تركة الأموات، وقد حكى لنا ابن المعتز في أرجوزته الوضع الراهن وما عاناه الناس من الظلم والقسوة يقول:
ويل لمن مات أبوه موسرا * أليس هذا محكما مشتهرا وكان في دار البلاء سجنه * وقيل من يدري بأنك ابنه فقال: جيراني ومن يعرفني * فنتفوا سباله حتى فني (3)

(1) ديوان بشار 3 / 190.
(2) ديوان بشار 3 / 59.
(3) السبالة: الشارب.
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست