3 - تركة الرشيد:
وترك هارون الرشيد (تسعمائة مليون درهم) (1).
هذه بعض الأموال التي تركوها، وقد استولوا عليها بغير حق وقد عانى المسلمون في جميع عهودهم الضيق والبؤس والحرمان هذه بعض معالم السياسة الاقتصادية في الحكم العباسي من أوله إلى منتهاه، وخلاصة القول فيها انها لم تكن مبينة على أسس سليمة، ولم تساير الاقتصاد الاسلامي الذي يهدف إلى انعاش الشعوب ونشر الرخاء والقضاء على البؤس والحاجة، فالملك العباسي كالملك الأموي ظل الله في الأرض يتصرف في امكانيات العباد حسب رغباته، ألم يقل الدوانيقي:
" أيها الناس إنما أنا سلطان الله في أرضه أسوسكم بتوفيقة وتسديده، وأنا خازنه على فيئه اعمل بمشيئته، واقسمه بإرادته، وأعطيه باذنه، قد جعلني الله عليه قفلا إذا شاء أن يفتحني فتحني وإذا شاء ان يقفلني قفلني " (2).
وهذه السياسة القاتمة لا يقرها الاسلام، فان أموال المسلمين للمسلمين يجب أن تنفق على صالحهم ورفع مستواهم اقتصاديا وفكريا، وليس لرئيس الدولة أي سلطان عليها.
كراهة المسلمين للحكم العباسي:
وكره المسلمون الحكم العباسي، ونقموا منه كأشد ما تكون النقمة، وتمنوا رجوع الحكم الأموي على ما فيه من قسوة وعذاب، فقد ساسوا الأمة بسياسة الظلم والجور، يقول عبد الرحمن الإفريقي للمنصور الدوانيقي: " ظهر الجور ببلادنا فجئت لأعلمك، فإذا الجور يخرج من دارك ورأيت أعمالا سيئة، وظلما فاشيا، ظننته لبعد البلاد منك فجعلت كلما دنوت منك كان الامر أعظم ".
فالتاع المنصور من كلامه وأمر باخراجه (3) وسأل المنصور ابن أبي ذؤيب فقال له:
" أي الرجال أنا ".