وأنشئت في الكوفة مدرسة للنحو، وكان من أساتذتها البارزين الكسائي الذي عهد إليه الرشيد بتعليم ابنيه الأمين والمأمون (1).
4 - البصرة:
أما البصرة فكانت مركزا مهما لعلم النحو، وكان أول من أنشأ هذه المدرسة أبو الأسود الدؤلي تلميذ الامام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكانت هذه المؤسسة تنافس مدرسة الكوفة، وقد سمي نحاة البصرة " أهل المنطق " تمييزا لهم عن نحاة الكوفة، وكان من اعلام هذه المؤسسة سيبويه الفارسي وهو مؤلف كتاب " سيبويه " في النحو وهو من انضج الكتب العربية ومن أكثرها عمقا وأصالة يقول دي بور: فلو نظرنا إلى كتاب سيبويه لوجدناه عملا ناضجا، ومجهودا عظيما حتى أن المتأخرين قالوا: إنه لا بد أن يكون ثمرة جهود متضافرة لكثير من العلماء مثل قانون ابن سينا (2).
وكما كانت البصرة مركزا مهما لعلم النحو فقد كانت مدرسة لعلم تفسير القرآن الكريم، وكان من العلماء البارزين في هذا الفن أبو عمرو بن العلاء، وبالإضافة لذلك فقد كانت البصرة مدرسة لعلم العروض واللغة، وكان المتخصص بهذين العلمين الخليل بن أحمد صاحب كتاب (العين) الذي هو أول معجم لغوي وضع في اللغة العربية (3).
هذه بعض مظاهر الحياة العلمية والثقافية في ذلك العصر، وكان الإمام الرضا (عليه السلام) الرائد الاعلى للحركة العلمية فقد احتف به العلماء والفقهاء وهم ينتهلون من نمير علومه، كما عقدت في البلاط العباسي الأندية وقد ضمت كبار العلماء الذين ندبهم المأمون لامتحان الامام، وخرج العلماء، وهم يذيعون فضله ويذكرون باعجاب ثرواته العلمية الهائلة.
الحياة الاقتصادية:
ولم يعن الاسلام بشئ كما عنى بمكافحة الفقر، فقد اعتبره كارثة مدمرة يجب اقصاءه عن الحياة العامة، فقد الزم ولاة الأمور على تنمية الاقتصاد وزيادة دخل