وأسرفوا في لكمه ودفعه * وانطلقت أكفهم في صفعه ولم يزل في أضيق الحبوس * حتى رمى لهم بالكيس (1) لقد أسرف العباسيون في الظلم والجور، فنهبوا أموال الناس بغير حق، ويقول المؤرخون: ان كثيرا من الحكام يحاولون بعد موت ذوي الثروة انه لا وارث له حتى يستولوا على تركته (2) وهذا الاجراء القاسي يتصادم مع تعاليم الاسلام التي قضت بأن ما تركه الميت فلوراثه، وليس للحكام عليه أي سلطان نعم من مات ولا وارث له تنتقل تركته إلى بيت مال المسلمين، ولم يقتصر التعذيب ومصادرة أموال الناس بغير حق على طبقة خاصة من الناس وانما شملت أمهات الخلفاء فقد عذب القاهر العباسي أم أخيه المقتدر، وعلقها برجلها لتخرج ما عندها من أموال، وتحمل أوقافها وتوكل في بيعها فامتنعت ولكن القاهر أرغمها على ذلك بعد تعذيب، وبطش شديد (3).
القسوة في أخذ الخراج:
وقاسى المسلمون كأشد ما تكون القسوة في أخذ الخراج منهم فقد استعملت الدولة عليهم جباة ارهابيين لا يرجون لله وقارا ولا يخافون سوء الحساب، فكانوا أشر من الأفاعي، فقد أخذوا يعلقون الرجل البدين من ذراع واحدة حتى يشرف على الموت، وقد وصف ابن المعتز الحالة النكراء التي يؤخذ بها الخراج يقول:
فكم وكم من رجل نبيل * ذي هيبة ومركب جليل رأيته يعتل بالأعوان * إلى الحبوس والى الديوان حتى أقيم في جحيم الهاجرة * ورأسه كمثل قدر فائره وجعلوا في يده حبالا * من قنب يقطع الاوصالا وعلقوه في عرى الجدار * كأنه برادة في الدار وصفقوا قفاه صفق الطبل * نصبا بعين شامت وخل إذا استغاث من سعير الشمس * اجابه مستخرج برفس وصب سجان عليه الزيتا * وصار بعد بزة كميتا