حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ١٩٩
فاجابه بمنطق الأحرار الذي لا يخضع للسلطان قائلا:
" أنت والله عندي شر الرجال، استأثرت بمال الله ورسوله، وسهم ذوي القربى واليتامى والمساكين، وأهلكت الضعيف، واتبعت القوى، وأمسكت أموالهم " (1).
وكانت سياسة ملوك بنى العباس متشابهة في الظلم والجور، يقول أحمد بن أبي نعم:
ما أحسب الجور ينقضي وعلى الناس * أمير من آل عباس فنفاه المأمون بسبب هذا لبيت إلى السند (2) ويقول أبو عطاء السندي:
يا ليت جور بني مروان دام لنا * وليت عدل بني العباس في النار (3) واستنهض سليم العدوي الأمة لتثور على الحكم العباسي يقول:
حتى متى لا نرى عدلا نسر به * ولا نرى لولاة الحق أعوانا مستمسكين بحق قائمين به * إذا تلون أهل الجور ألوانا يا للرجال لداء لا دواء له * وقائد ذي عمى يقتاد عميانا (4) ويقول شاعر الأحرار سديف:
إنا لنأمل أن ترتد الفتنا * بعد التباعد والشحناء والإحن وتنقضي دولة احكام قادتها * فينا كأحكام قوم عابدي وثن وانتشر هذا الشعر، وسمعه المنصور فأوعز إلى عامله عبد الصمد بدفنه حيا ففعل (5).
ويقول الدكتور أحمد محمود صبحي: " لكن ذلك المثل الاعلى للعدالة والمساواة الذي انتظره الناس من العباسيين قد أصبح وهما من الأوهام فشراسة المنصور، والرشيد وجشعهم، وجور أولاد علي بن عيسى وعبثهم بأموال المسلمين يذكرنا بالحجاج وهشام ويوسف ين عمرو الثقفي، وعم الاستياء افراد الشعب بعد أن استفتح أبو عبد الله المعروف بالسفاح، وكذلك المنصور بالاسراف في سفك الدماء

(١) الإمامة والسياسة ٢ / ١٤٥.
(٢) نهاية الإرب ٨ / ١٧٥.
(٣) حياة الإمام الرضا (ص ١٠٨).
(٤) المستطرف ١ / ٩٧.
(٥) العمدة لابن رشيق 1 / 75.
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»
الفهرست