مكافحة الفقر، وإزالة البؤس من دنيا الاسلام.
ومن الجدير بالذكر ان هارون الرشيد لما تزوج بالسيدة زبيدة صنع وليمة لم يصنع مثلها في الاسلام، فقد جعل الهبات غير محصورة، فقدمت أوان من الذهب مملوءة بالفضة، واوان من الفضة مملوءة بالذهب، وفوانج المسك وقطع العنبر، وكان هذا هو الاسراف والتبذير الذي حرمه الاسلام حفظا لاقتصاد الأمة من الانهيار.
بؤس العامة وشقاؤها:
وكانت الأكثرية الساحقة من المجتمع الاسلامي في عصر المأمون وغيره من عصور الحكم العباسي البؤس والحرمان، فقد كانت ترزح تحت كابوس رهيب من الفقر والبؤس، ولنستمع لأبي العتاهية يحدثنا عما كانت عليه العامة من البؤس والشقاء يقول مخاطبا الملك العباسي:
من مبلغ عني الامام * نصائحا متواليه إني أرى الأسعار * أسعار الرعية غاليه وأرى المكاسب نزرة * وارى الضرورة فاشيه وأرى غموم الدهر * رائحة تمر وغاديه وأرى اليتامى في البيوت * البائسات الخالية من بين راج لم يزل * يسمو إليك وراجيه يشكون مجهدة بأصوات * ضعاف عاليه يرجون رفدك كي يروا * مما لقوه العافية ومصيبات الجوع إذ * تمسي وتصبح طاويه من للبطون الجائعات * وللجسوم العارية القيت أخبارا إليك * من الرعية شافيه (1) وحكى هذا الشعر الاجتماعي الحالة السائدة في عصر أبي العتاهية، فملايين من الشعب المسلم عارية أجسامهم جائعة بطونهم خاوية أبدانهم في حين قد زخرت خزائن ملوك العباسيين بالملايين من أموال المسلمين غير أنها لم تنفق في صالحهم، وانما كانت تنفق على الشهوات وعلى ما يفسد الحياة العامة.