الفرد، وبسط الرخاء والرفاهية بين الناس وكان من بين ما عنى به في تطوير الاقتصاد أن الزم ولاة المسلمين، بانفاق أموال الدولة على الصالح العام، وذلك بتنمية الزراعة وإنشاء المشاريع العامة، وما تزدهر به البلاد، كما منع ولاة المسلمين أن يصطفوا لأنفسهم وأقربائهم شيئا من خزينة الدولة وقد جافى بنو العباس هذه السياسة الخلاقة فاتخذوا مال الله دولا وعباد الله خولا، وأنفقوا الأموال الهائلة على شهواتهم وملاذهم وبناء قصورهم ووهبوا الأموال الطائلة للمغنين والعابثين، وأدت هذه السياسة إلى ازمات حادة في الاقتصاد العام، فانقسم المجتمع إلى طبقتين:
الأولى الطبقة الرأسمالية التي انحصرت عندها ثروة الأمة، ولا عمل لها إلا التبطل واللهو والاسراف في المحرمات.
الطبقة الثانية: وهي طبقة العمال والفلاحين، وقد شقيت هذه الطبقة، فقد شاع فيها الفقر والحرمان، وقد أدى هذا الانقسام في صفوف المجتمع إلى فقدان التوازن في الحياة الاقتصادية، وانعدام الاستقرار في الحياة الاجتماعية والسياسية على حد سواء (1).
ونتحدث - بايجاز - عن شؤون الحياة الاقتصادية العامة وما عاناه المواطنون من الشقاء والحرمان.
واردات الدولة:
أما واردات الدولة في عصر الإمام الرضا (عليه السلام) فكانت ضخمة للغاية، فقد أحصيت الواردات من الخراج وحده فكان المجموع ما يزيد على (400 مليون) درهم (2) ومن الجدير بالذكر انه بلغ من سعة المال ووفرته أنه كان لا يعد، وانما كان يوزن، فكانوا يقولون: إنه ستة أو سبعة آلاف قنطار من الذهب (3).
ومن المؤسف حقا ان تلك الأموال الهائلة لم تنفق على تطوير حياة المسلمين، وانعاش الفقراء والمحرومين، وانما كان الكثير ينفقه الملوك ووزراؤهم، وأبناؤهم وحاشيتهم على ملاذهم وشواتهم وقد انفقوا على لياليهم الحمراء ما لا يحصى، كما حظي المغنون والعابثون والماجنون بالثراء العريض.