اسراف وتبذير.
وأسرف ملوك العباسيين اسرافا هائلا، وأنفقوا أموال المسلمين بغير تحرج على ملاذهم ورغباتهم الخاصة، فقد كان المأمون في دمشق، فأصابته ضائقة اقتصادية فحملت إليه ثلاثون مليون درهم من مال الخراج، فأمر بانفاق (24 مليون) درهم على أصحابه، والباقي أنفقه على جنده (1) وكان الاسراف والتبذير بأموال المسلمين ظاهرة سائدة عند ملوك بني العباس فقد بني المهدي منتزها أنفق عليه (خمسين مليون) درهم (2) وصرف المتوكل على قصره المعروف ب (الماحوزة) (50 مليون) درهم، وعلى قصره المعروف ب (العروس) (30 مليون) درهم وعلى البهو (25 مليون) درهم، يقول الشابشتي: ان المتوكل لما كان من أرباب الذوق والانس لا يقعده عما يشتهيه مال، وقد انصرف انصرافا عجيبا إلى بناء قصور فخمة في (سامراء) كثر عددها حتى بلغت ستة عشر قصرا أنفق في سبيلها أموالا جساما تكاد تخرج عن حدود التصديق وفرة (3) ومن تبذير المتوكل انه أنفق على ختان أولاده (86 مليون) درهم.
زواج المأمون ببوران:
ومن ألوان البذخ والاسراف الهائل في أموال المسلمين هو ما أنفقه المأمون من الأموال الطائلة المذهلة في زواجه بالسيدة بوران، فلم يقع نظير ما أنفق على ذلك الزواج منذ خلق الله الأرض.
لقد أمهر المأمون زوجته (الف ألف دينار)، مع العلم ان قيمة الدينار في ذلك العصر كانت تساوي جملا، وشرط الحسن بن سهل والد السيدة بوران أن يبني بها في قريته الواقعة بفم الصلح (4) فاجابه إلى ذلك، ولما أراد الزواج سافر إلى (فم الصلح)، ونثر على العسكر الذي كان معه (الف ألف دينار)، وصحب معه من الغلمان الصغار (ثلاثين ألفا، وسبعة آلاف) جارية، أما العسكر الذي كان معه فكانوا (أربعمائة الف) فارس، (وثلاث مائة الف) رجل، وكان الحسن يذبح لضيوفه (ثلاثين الف) رأس من الغنم، ومثيلها من الدجاج، (وأربعمائة بقرة) وأربعمائة