حتى إذا طال عليه الجهد * ولم يكن مما أراد بد قال: ائذنوا لي أسأل التجارا * قرضا وإلا بعتهم عقارا وأجلوني خمسة أياما * وطوقوني منكم انعاما فضايقوا وجعلوها أربعة * ولم يؤمل في الكلام منفعه وجاءه المعينون الفجرة * وأقرضوه واحدا بعشره ثم تأدى ما عليه وخرج * ولم يكن يطمع في قرب الفرج وجاءه الأعوان يسألونه * كأنهم كانوا يدللونه وان تلكأ اخذوا عمامته * وهشموا أخدعه وهامته فالآن زال كل ذاك أجمع * وأصبح الجور بعدل يقمع (1) لقد وصف ابن المعتز القسوة البالغة التي يصبها الجباة على أهل الخراج، فقد أرهقوهم، وعذبوهم، وكان من تعذيبهم فيما يقول الرواة: انهم يضربون على رؤوسهم بالدبابيس (2) وتغرز في أظافيرهم أطراف القصب (3) وكان المنصور يعلق الناس من أرجلهم حتى يؤدوا ما عليهم (4).
وأما أخذ الخراج في زمن المهدي العباسي فكان في منتهى القسوة، فكان أهل الخراج يعذبون بصنوف من العذاب من السباع والزنابير والسنانير (5).
أما الرشيد فقد اشتد في أخذ الخراج، وبطش بالناس بطشا ذريعا واستعمل عليهم جباة لا رحمة ولا رأفة عندهم، فقد ولى عبد الله بن الهيثم في أخذ هذه الضريبة فعذب الناس بصنوف مريعة من العذاب الأليم، فدخل عليه ابن عياض فرأى قسوته وعذابه للناس فقال له: ارفعوا عنهم اني سمعت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من عذب الناس في الدنيا عذبه الله يوم القيامة، فأمر برفع العذاب عن الناس (6) وجاء في وصية أبي يوسف للرشيد ما عومل به أهل الخراج من