حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ٢١٩
قال:
" واعلم يا أمير المؤمنين إن أحوال الانسان التي بناها الله تعالى عليها، وجعله متصرفا بها أربعة أحوال: الحالة الأولى: خمس عشرة سنة، وفيها شبابه، وحسنه وبهاؤه، وسلطان الدم في جسمه، ثم الحالة الثانية من خمس عشرة سنة إلى خمس وثلاثين سنة، وفيها سلطان المرة الصفراء، وقوة غلبتها على الشخص وهي أقوى ما يكون، ولا يزال كذلك حتى يستوفي المدة المذكورة وهي خمس وثلاثون سنة، ثم يدخل في الحالة الثالثة إلى أن تتكامل مدة العمر ستون سنة، فيكون في سلطان المرة السوداء وهي سن الحكمة والمعرفة، والدراية، وانتظام الأمور وصحة في العواقب، وصدق الرأي، وثبات الجأش في التصرفات، ثم يد خل في الحالة الرابعة وهي سلطان البلغم وهي الحالة التي يتحول عنها ما بقي إلى الهرم ونكد العيش، وذبول ونقص في القوة، وفساد في تكونه، واستنكار كل شئ كان يعرف من نفسه حتى صار ينام عند القوم ويسهر عند النوم ويتذكر ما تقدم وينسى ما يحدث في الأوقات ويذبل عوده ويتغير معهوده ويجف ماء رونقه وبهاؤه ويقل نبت شعره وأظفاره ولا يزال جسمه في انعكاس وادبار ما عاش لأنه في سلطان البلغم، وهو بارد وجامد، فجموده وبرده يكون فناء كل جسم تستولي عليه في الأخير القوة البلغمية... ".
حكى هذا المقطع الأدوار من عمر الانسان، وهي أربعة أدوار، الدور الأول يبدأ من ولادته وينتهي ببلوغه الخامسة عشرة، وهو دور الصبا، وبداية الشباب الذي هو من أروع أدوار العمر، ومن أكثر ها حيوية.
الدور الثاني: ويبدأ من الخامسة عشر، وينتهي بالخامسة والثلاثين وهو من أروع فترات العمر ففيه تتكامل قوة الانسان، ونشاطه وبهاؤه.
الدور الثالث: ويبدأ من الخامسة والثلاثين، وينتهي بالستين وفي هذا الدور تتكامل معرفة الانسان، وتنظم فيه أموره، وذلك من خلال تجاربه للأمور، ومعرفته بالاحداث ففي هذا السن يكمل نشاطه الفكري الا ان قواه الجسمية تضعف.
الدور الرابع: ويبدأ من الستين حتى يوافيه الاجل المحتوم ففي هذا السن تضعف جميع أجهزته وخلاياه، وتنحل قواه، ويكون عالة على غيره خصوصا إذا أخذ الثمانين عاما، فتكثر شكواه، وأنينه يقول الشاعر:
ان الثمانين وبلغتها * قد احوجت سمعي إلى ترجمان وفي المثل ان الشيخوخة سحابة تمطر بالأمراض، ان الجسم في هذه السن - كما
(٢١٩)
مفاتيح البحث: النوم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست