وهكذا.. فقد كان الإمام (ع) يضيع على المأمون ما كان يحسب أنه فرصة مؤاتية له، ولا يمكنه من معرفة ما يريد معرفته، ولا من تنفيذ ما يريد تنفيذه.
الاختبار لشعبية الإمام (ع):
كما أنه كان كل مدة يقوم بعملية اختبار لشعبية الإمام (ع)، ولمدى ما يتمتع به من تأييد في الأوساط الشعبية، ليعرف إن كان أصبح (ع) يشكل خطرا حقيقيا، ليعجل بالقضاء عليه أم لا.. فكان كل مدة يكلفه بأن يؤم الناس بالصلاة للعيد. أو ما شاكل.. وهذا إن دل على شئ، فإنما يدل على مدى ما يعتمر قلب المأمون من الخوف والخشية منه (ع). (راجع: السبب الثالث من فصل البيعة، والموقف العاشر في فصل: خطة الإمام " ع ").
سؤال.. وجوابه:
ولعلك تقول: إذا كان المأمون يخشى الإمام (ع) إلى هذا الحد، لما يعلمه من نفوذه ومكانته، فلماذا لا يتخلص منه بذلك الأسلوب التقليدي الذي انتهجه أسلافه من الأمويين، والعباسيين، وتبعهم عليه هو فيما بعد، وكذلك من أتى بعده.. وذلك بأن يدس إليه شربة من السم، وهو في المدينة، من دون أن يحتاج إلى إشخاصه إلى مرو، والبيعة له بولاية العهد، وتزويجه ابنته، إلى غير ذلك من الأمور التي من شأنها أن تعزز من مركز الإمام، وترفع من شأنه، وتوجه إليه الأنظار والقلوب، حتى يضطر في نهاية الأمر لأن يعود إلى ما جرت عليه عادة أسلافه، وأتباعه..