الإمام يرفض كل مشاركة تعرض عليه:
إنه برغم شروط الإمام على المأمون، والتي أشرنا إليها فيما سبق، فإننا نرى المأمون كل مدة يحاول أن يجري اختبارا للإمام، ليعرف حقيقة نواياه، وأنه هل أصبح له طمع بالخلافة، وطموح لها (1)، ليعجل عليه بما يحسم عنه مواد بلائه.. أم لا.
فكان يأتي كل مدة إليه، يطلب منه أن يولي فلانا، أو أن يعزل فلانا، أو أن يصلي بالناس.. بل لقد طلب منه بعد مقتل الفضل أن يساعده في إدارة شؤون الخلافة (2) بحجة أنه يعجز وحده أن يقوم بأعباء الحكم. ويدير دفة السلطان!
هذا. إن لم نقل: أنه كان يريد من وراء ذلك: أن يجعل ذلك ذريعة للقضاء على الإمام، بحجة أنه نقض الشرط، وليكون بذلك قد قضى على العلويين جميعا، وإلى الأبد.
أو على الأقل كان يريد بذلك: أن يوجد للإمام أعداء في الأوساط ذات القوة والنفوذ..
وأيا ما كانت نوايا المأمون وأهدافه، فإن الإمام (ع) كان يرفض ذلك كله بكل عزم وإصرار، ويذكره بالشروط تلك، ويقول له:
" إن وفيت لي وفيت لك. ". وهذا تهديد صريح له من الإمام (ع). ولا نعجب كثيرا - بعد أن اتضحت لنا نوايا المأمون وأهدافه - إذا رأينا المأمون يتحمل هذا التهديد، بل ويخضع له، ويقول: " بل أفي لك "!.