حياة الإمام الرضا (ع) - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ٣٧٦
الله لما برى خلقا فأتقنه * صفاكم واصطفاكم أيها البشر فأنتم الملأ الأعلى وعندكم * علم الكتاب وما جاءت به السور (1) هذه الأبيات التي سارت بها الركبان والتي هي تعبير صادق عن هذه الحقيقة التي أشرنا إليها، والتي كانت تقض على المأمون وكل أسلافه وأتباعه مضاجعهم، وتنغص عليهم حياتهم.. وعليه:
وإذا استطاع المأمون أن يظهر للملأ أن الإمام (ع) صفر اليدين مما يدعيه، ويدعيه آباؤه من قبل، فإنه يكون قد قضى على المصدر والأساس لكل المشاكل، والأخطار، وينهار المذهب الشيعي حينئذ بانهيار فكرة الإمامة فيه، التي هي المحور، والأساس له، ويتحقق من ثم - حلمه الكبير، الذي طالما جهد وشقي من أجل تحقيقه.
وأعتقد: أنه لو كان تم له ما أراد، فلسوف لا يتعرض بعد هذا للإمام (ع) بسوء، وأنه كان سوف يبقى على حياته (ع) إبقاء لحجته، وأنه خال من شرائط الإمامة، وليأفل من ثم.. نجمه، ونجم العلويين من بعده.. وإلى الأبد.

(1) شهرة هذه الأبيات تغنينا عن ذكر مصادرها، وقد أعطاه عليه السلام ما كان معه، وهو مئة دينار، والبغلة التي كان يركبها.. لكن بعض الباحثين يرى أن أبا نؤاس لم يعش إلى زمان تولي الرضا العهد، بل مات قبل ذلك بثلاث سنوات أي في سنة 198 ه‍. ومن ثم هو ينكر الحادثة الأخرى، التي تقول: إن البعض لام أبا نؤاس حيث لم يمدح الإمام عليه السلام، فقال أبياته المشهورة: " قيل لي أنت أشعر الناس طرا في فنون إلخ.. ".
ولكن الظاهر أن هذا الباحث لم يطلع على عبارة ابن خلكان في وفيات الأعيان، طبع سنة 1310 ج 1 ص 457، فإنه قال: " وفيه (أي في الرضا عليه السلام) يقول أيضا - وله ذكر في شذور العقود سنة إحدى أو اثنتين وماءتين -: مطهرون نقيات إلخ.. ".
بل يكفي دلالة على أنه عاش إلى ما بعد ولاية العهد ذكر هذه الأبيات، وتلك له والنص على أنه قد قالها فيه عليه السلام.
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»
الفهرست