مع المصطفى - الدكتورة بنت الشاطئ - الصفحة ٤٤
(يقول صاحبي حين أصبحنا: تعلمي والله يا حليمة، لقد أخذت نسمة مباركة.
فقلت: والله إني لأرجو ذلك.
ثم خرجنا وركبت أتاني وحملت محمدا عليها معي، فوالله لقطعت بالركب ما يقدر عليها شئ من حمرهم، حتى إن صواحبي ليقلن لي:
- يا ابنة أبي ذؤيب، ويحك، اربعي علينا، أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها؟
فأقول لهن: بلى والله، إنها لهي هي.
فيقلن: والله إن لها لشأنا.
(ثم قدمنا منازلنا، من بلاد بني سعد، وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها. فكانت غنمي تروح علي، حين قدمنا بمحمد معنا، شباعا لبنا فنحلب ونشرب، وما يحلب إنسان غيرنا قطرة لبن، ولا يجدها في ضرع. حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم:
ويلكم، اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب!
فتروح أغنامهم جياعا ما تبض بقطرة لبن، وتروح غنمي شباعا لبنا. فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير، حتى مضت سنتاه وفصلته).
وتحفظ مكة للتاريخ من أخبار صباه، رحلته مع أمه إلى يثرب في السادسة من عمره: كانت مشوقة إلى زيارة قبر والده الثاوي هناك، وقد طال عليها الانتظار ريثما جاوز صغيرها مرحلة الطفولة الغضة،
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست