التطلعات والارهاصات، وتتجمع روافدها من هنا ومن هناك وهنالك، لتصب حول البيت العتيق، وتحوم حول حي بعينه من أحياء قريش هو حي بني هاشم بن عبد مناف بن قصي، وترنو إلى شخص بذاته من الهاشميين، هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم.
وقد كان لمكة من واقعها ورؤاها وذكرياتها، ما تضيفه إلى تلك الارهاصات الوافدة من شمال وجنوب وشرق.
فمن عهد إبراهيم وإسماعيل، وبيتها العتيق مثابة الحج والعبادة، يرتفع منه الدعاء (لبيك اللهم لبيك) فتتجاوب به أوديتها والبطاح، وتخشع له جبالها الصخرية، وتعنو هامات البدو الصلاب أبناء الصحراء ومع الزمن تأصلت حرمة ذلك البيت العتيق، ورسخت تقاليد إعظامه وطقوس إجلاله، ومنه أخذت قريش مكانة السيادة لجوارها الحرم المكي، واستأثرت بوظائف الشرف الدينية، وراثة عن جدها قصي بن كلاب المضري العدناني.
وإذا كانت مكة قد استرجعت بفداء عبد الله بن عبد المطلب، ذكرى الفداء الأولى لإسماعيل جد العرب العدنانية، فليست بحيث يفوتها غداة ليلة القدر، أن تربط ما بين محمد بن عبد الله، وإسماعيل ابن إبراهيم، برباط نسجته يد الزمن على مدى قرون وأدهار.
وتربطها كذلك، في وعي السيدة خديجة، بما آنست من شمائل زوجها وما رأت من ميل زوجها إلى التأمل والخلوة في غار حراء، وما عرفت من رفضه الأصنام التي تكدست في الحرم، ومن حيرته في أمر