مع المصطفى في ليلة القدر (سلام هي حتى مطلع الفجر) غشى الكون ليل ثقيل، ولف أم القرى صمت مكدود لا يكاد يسمع فيه غير أنفاس الليل مختلطة بهمهمة صلوات وثنية، كانت لا تزال تتردد في البيت العتيق.
وقمر رمضان قد توارى واحتجب، فليس على الأفق المعتم سوى ضوء شاحب تكاد تحجبه عن مكة جبالها الصخرية التي تبدو كأنها كتل ماردة من ظلمات متكاتفة متراكمة..
ونامت الدنيا، لا تلقي بالا إلى رجل من بني هاشم، ابن امرأة من قريش تأكل القديد، قد أوى إلى غار هناك مستغرقا في تأمله، يلتمس في العتمة الداجية شعاعا من نور الحق، وينشد في خلوته أنس الهدى وراحة اليقين، وخواطره تحوم حول البيت العتيق الذي