وتألقت دنياها نورا وأنسا، وهي ترنو إلى وليدها المبارك، وتذكر به أباه الحبيب الذي أودعها إياه ثم ودعها ورحل.
وكانت مكة حين ذاعت فيها بشرى مولد ابن عبد الله، ما تزال تحتفل بما أتاح الله لها من النجاة من أصحاب الفيل، من حيث لا تحتسب. فرأى القوم في مولد محمد آنذاك، آية تذكر بأخرى، يوم اختير أبوه عبد الله قربانا لرب الكعبة، ثم افتدي بالإبل المائة.
وإن لم يتوقع أحد في مكة، أو في الدنيا كلها يومئذ، أن تلك الليلة المقمرة الغراء من ربيع الأول عام الفيل، التي ولد فيها ألوف وألوف من شتى الأجناس والألوان ومختلف الملل والمذاهب ومتفاوت الطبقات والدرجات، قد خلدت وبوركت بمولد يتيم هاشمي في أم القرى، ابن امرأة من قريش تأكل القديد، يصطفى للنبوة فتكون رسالته ختام الأديان، وتغدو أقواله وأفعاله سنة وشريعة لملايين الناس على امتداد الزمان والمكان.