ثم علي الخير مولاهم * ذكرهم هيج أحزاني فبكى ثم قال، ما من رجل ذكرنا أو ذكرنا عنده يخرج من عينيه ماء ولو مثل جناح البعوضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة وجعل ذلك الدمع حجابا بينه وبين النار فلما بلغت إلى قولي:
من كان مسرورا بما مسكم * أو شامتا يوما من الآن فقد ذللتم بعد عز فما * ادفع ضيما حين يغشاني اخذ بيدي، ثم قال: اللهم اغفر للكميت ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما بلغت إلى قولي:
متى يقوم الحق فيكم متى * يقوم مهديكم الثاني قال سريعا إن شاء الله سريعا.
(أبو مسلم الخراساني) عبد الرحمن بن مسلم القائم بالدعوة العباسية، قيل كان قصيرا أسمر حلوا أحور العين خافض الصوت فصيحا حلو المنطق عالما بالأمور، لم ير ضاحكا ولا مازحا إلا في وقت تأتيه الفتوحات العظام فلا يظهر عليه أثر السرور وتنزل به الحوادث الفادحة فلا يرى مكتئبا وإذا غضب لم يستفزه الغضب، ولا يأتي امرأته في السنة إلا مرة واحدة، ويقول الجماع جنون ويكفي الانسان ان يجن في السنة مرة، وكان من أشد الناس غيرة لا يدخل قصره غيره، قيل لما زفت إليه امرأته أمر بالبرذون الذي ركبته فذبح وأحرق سرجه لئلا يركبه ذكر بعدها، قتل في دولته ستمائة الف صبرا.
قتله المنصور في شعبان سنة 137 (قلز) برومية المدائن بالقرب من الأنبار.
ونقل عن ربيع الأبرار للزمخشري قال: كان أبو مسلم يقول بعرفات: اللهم إني تائب إليك مما لا أظنك تغفر لي، فقيل له أفيعظم على الله تعالى