أخلاق أهل البيت (ع) - السيد محمد مهدي الصدر - الصفحة ٣٧
فاقبلوا عذره (1).
وقد يحسب السفهاء أن الحلم من دلائل الضعف، ودواعي الهوان، ولكن العقلاء يرونه من سمات النبل، وسمو الخلق، ودواعي العزة والكرامة.
فكلما عظم الإنسان قدرا، كرمت أخلاقه، وسمت نفسه، عن مجاراة السفهاء في جهالتهم وطيشهم، معتصما بالحلم وكرم الاغضاء، وحسن العفو، ما يجعله مثار الاكبار والثناء.
كما قيل:
وذي سفه يخاطبني بجهل * فآنف أن أكون له مجيبا يزيد سفاهة وأزيد حلما * كعود زاده الاحراق طيبا ويقال: إن رجلا شتم أحد الحكماء، فأمسك عنه، فقيل له في ذلك قال: لا أدخل حربا الغالب فيها أشر من المغلوب.
ومن أروع ما نظمه الشعراء في مدح الحلم، ما رواه الإمام الرضا عليه السلام، حين قال له المأمون: أنشدني أحسن ما رويت في الحلم، فقال عليه السلام:
إذا كان دوني من بليت بجهله * أبيت لنفسي أن تقابل بالجهل وإن كان مثلي في محلي من النهى * أخذت بحلمي كي أجل عن المثل وإن كنت أدنى منه في الفضل والحجى * عرفت له حق التقدم والفضل فقال له المأمون: ما أحسن هذا، هذا من قاله؟ فقال: بعض فتياننا (2).

(١) كشف الغمة للأربلي.
(٢) معاني الأخبار، وعيون اخبار الرضا للشيخ الصدوق.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»