أخلاق أهل البيت (ع) - السيد محمد مهدي الصدر - الصفحة ٤١
من ذلك ما قصه الرواة من حلم الإمام زين العابدين عليه السلام، فقد كان عنده أضياف، فاستعجل خادما له بشواء كان في التنور، فأقبل به الخادم مسرعا، فسقط منه على رأس بني لعلي بن الحسين عليه السلام تحت الدرجة، فأصاب رأسه فقتله، فقال علي للغلام وقد تحير الغلام واضطرب: أنت حر، فإنك لم تتعمده، وأخذ في جهاز ابنه ودفنه (1).
ولقب الإمام موسى بن جعفر عليه السلام (بالكاظم) لوفرة حلمه، وتجرعه الغيظ، في مرضاة الله تعالى.
يحدث الراوي عن ذلك، فيقول: كان في المدينة رجل من أولاد بعض الصحابة يؤذي أبا الحسن موسى عليه السلام ويسبه إذا رآه، ويشتم عليا، فقال له بعض حاشيته يوما:
دعنا نقتل هذا الفاجر. فنهاهم عن ذلك أشد النهي، وزجرهم، وسأل عنه فذكر أنه يزرع بناحية من نواحي المدينة، فركب إليه فوجده في مزرعة له، فدخل المزرعة بحماره، فصاح به لا توطئ زرعنا، فوطأه عليه السلام بالحمار حتى وصل إليه، ونزل وجلس عنده، وباسطه وضاحكه، وقال له: كم غرمت على زرعك هذا؟ قال: مائة دينار. قال: فكم ترجو أن تصيب؟
قال: لست أعلم الغيب. قال له: إنما قلت كم ترجو أن يجيئك فيه. قال: أرجو أن يجئ مائتا دينار. قال: فأخرج له أبو الحسن صرة فيها ثلاثمائة دينار وقال: هذا زرعك على حاله، والله يرزقك فيه ما ترجو. قال:

(1) كشف الغمة للأربلي.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»