فبكى حتى أغمي عليه، وأومأ إلي خادم كان على رأسه: ان اسكت، فسكت فمكث ساعة ثم قال لي: أعد. فأعدت حتى انتهيت إلى هذا البيت أيضا، فأصابه مثل الذي أصابه في المرة الأولى، وأومأ الخادم إلي أن أسكت، فسكت. فمكث ساعة أخرى، ثم قال لي: أعد.
فأعدت حتى انتهيت إلى آخرها، فقال لي: أحسنت، ثلاث مرات. ثم أمر لي بعشرة آلاف درهم، مما ضرب باسمه، ولم تكن دفعت إلى أحد بعد. وأمر لي من في منزله، بحلي كثير أخرجه إلي الخادم، فقدمت العراق، فبعت كل درهم منها بعشرة دراهم، اشتراها مني الشيعة، فحصل لي مائة ألف درهم، فكان أول مال اعتقدته.
قال ابن مهرويه: وحدثني حذيفة بن محمد، أن دعبلا قال له: إنه استوهب من الرضا عليه السلام ثوبا قد لبسه، ليجعله في أكفانه. فخلع جبة كانت عليه، فأعطاه إياها. فبلغ أهل قم خبرها، فسألوه أن يبيعهم إياها بثلاثين ألف درهم، فلم يفعل، فخرجوا عليه في طريقه، فأخذوها منه غصبا، وقالوا له: إن شئت أن تأخذ المال فافعل، والا فأنت أعلم.
فقال لهم: إني والله لا أعطيكم إياها طوعا، ولا تنفعكم غصبا، وأشكوكم إلى الرضا عليه السلام. فصالحوه، على أن أعطوه الثلاثين ألف درهم وفردكم من بطانتها، فرضي بذلك. فأعطوه فردكم فكان في أكفانه (1).
وكم لهذه القصص من أشباه ونظائر، يطول عرضها وتعدادها في هذا المجال المحدود.