أخلاق أهل البيت (ع) - السيد محمد مهدي الصدر - الصفحة ١٧٨
الخوف بين المد والجزر:
لقد صورت الآيات الكريمة، والأخبار الشريفة، أهمية الخوف، وأثره في تقويم الانسان وتوجيهه وجهة الخير والصلاح، وتأهيله لشرف رضا الله تعالى وانعامه.
بيد أن الخوف كسائر السجايا الكريمة، لا تستحق الاكبار والثناء، الا إذا اتسمت بالقصد والاعتدال، الذي لا إفراط فيه ولا تفريط.
فالافراط في الخوف يجدب النفس، ويدعها يبابا من نضارة الرجاء، ورونقه البهيج، ويدع الخائف آيسا آبقا موغلا في الغواية والضلال، ومرهقا نفسه في الطاعة والعبادة حتى يشقيها وينهكها.
والتفريط فيه باعث على الاهمال والتقصير، والتمرد على طاعة الله تعالى واتباع دستوره.
وبتعادل الخوف والرجاء تنتعش النفس، ويسمو الضمير، وتتفجر الطاقات الروحية، للعمل الهادف البناء.
كما قال الصادق عليه السلام: أرج الله رجاءا لا يجرئك على معاصيه، وخف الله خوفا لا يؤيسك من رحمته (1).
محاسن الخوف:
قيم السجايا الكريمة بقدر ما تحقق في ذويها من مفاهيم الانسانية الفاضلة،

(1) البحار م 15 ج 2 ص 118 عن أمالي الصدوق.
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»