وقد حكت لنا الآثار طرفا رائعا ممتعا من قصص الصابرين على النوائب، مما يبعث على الاعجاب والاكبار، وحسن التأسي بأولئك الأفذاذ.
حكي أن كسرى سخط على بزرجمهر: فحبسه في بيت مظلم، وأمر أن يصفد بالحديد، فبقي أياما على تلك الحال، فأرسل إليه من يسأله عن حاله، فإذا هو منشرح الصدر، مطمئن النفس، فقالوا له: أنت في هذه الحالة من الضيق ونراك ناعم البال. فقال: اصطنعت ستة أخلاط وعجنتها واستعملتها، فهي التي أبقتني على ما ترون. قالوا: صف لنا هذه لعلنا ننتفع بها عند البلوى، فقال: نعم.
أما الخلط الأول: فالثقة بالله عز وجل.
وأما الثاني: فكل مقدر كائن.
وأما الثالث: فالصبر خير ما استعمله الممتحن.
وأما الرابع: فإذا لم أصبر فماذا أصنع، ولا أعين على نفسي بالجزع.
وأما الخامس: فقد يكون أشد مما أنا فيه.
وأما السادس، فمن ساعة إلى ساعة فرج.
فبلغ ما قاله كسرى فأطلقه وأعزه (1).
وعن الرضا عن أبيه عن أبيه عليهم السلام قال: إن سليمان بن داود قال ذات يوم لأصحابه: ان الله تبارك وتعالى قد وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي: سخر لي الريح، والانس، والجن، والطير، والوحش، وعلمني منطق الطير، وآتاني من كل شئ، ومع جميع ما أوتيت