أخلاق أهل البيت (ع) - السيد محمد مهدي الصدر - الصفحة ١٤٥
عرش ربي، وقد نصب للحساب، وحشر الخلائق لذلك، وأنا فيهم، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتنعمون في الجنة ويتعارفون، على الأرائك متكئون، وكأني أنظر إلى أهل النار وهم فيها معذبون، مصطفون، وكأن الآن استمع زفير النار يدور في مسامعي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه: هذا عبد نور الله قلبه بالايمان، ثم قال له: إلزم ما أنت عليه، فقال الشاب: أدع الله لي يا رسول الله أن أرزق الشهادة معك، فدعا له رسول الله فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبي فاستشهد بعد تسعة نفر وكان هو العاشر (1).
خصائص الموقنين:
متى ازدهرت النفس باليقين، واستنارت بشعاعه الوهاج، عكست على ذويها ألوانا من الجمال والكمال النفسيين، وتسامت بهم إلى أوج روحي رفيع، يتألقون في آفاقه تألق الكواكب النيرة، ويتميزون عن الناس تميز الجواهر الفريدة من الحصا.
فمن أبرز خصائصهم ومزاياهم، أنك تجدهم دائبين في التحلي بمكارم الأخلاق، ومحاسن الأفعال، وتجنب رذائلها ومساوئها، لا تخدعهم زخاف الحياة، ولا تلهيهم عن تصعيد كفاءاتهم ومؤهلاتهم الروحية لنيل الدرجات الرفيعة، والسعادة المأمولة في الحياة الأخروية، فهم متفانون في طاعة الله

(1) الوافي ج 3 ص 33 عن الكافي.
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»