إذا برز إلى القتال دون أبي بكر ثم عكسوا الاستدلال فجعلوا الاطمئنان الذي بحكم العقل والعرف بأنه دال على الشجاعة دليلا على نفيها وجعلوا عدمه دليلا على ثبوتها.
خامسا - إنه ورد أيضا في حق أبي بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله ما يؤمنه من القتل فقد أخرج البخاري والترمذي وأحمد من حديث أنس قال صعد النبي صلى الله عليه وآله وأبو بكر وعمر وعثمان أحدا فرجف بهم فضربه النبي صلى الله عليه وآله وقال أثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان وهذا صريح في أن الصديق رضي الله عنه لا يستشهد وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء حديث اقتدوا بالذين بعدي أبي بكر وعمر الحديث وهذا يدل على أنه لا يموت إلا بعد النبي صلى الله عليه وآله فهو في مأمن من الموت مدة حياته عليه الصلاة والسلام وما لزم عليا عليه السلام فيما أخبر به يلزم أبا بكر رضي الله عنه فيما أخبر به كذلك فلم يبق لنا طريق إلى معرفة الأشجع منهما إلا بما برز في الخارج من أفعال كل منهما والمنصف يعرف. وكأن المستدلين بأمثال هذه الوساوس يظنون أن نقش الصحائف بأقلام يمدها الوهم والتخيل يقلب لهم الحقائق أو يثبت منها ما لم يكن وهيهات هيهات أم حسب الذين في قلوبهم مرض إن لن يخرج الله أضغانهم.
أنكر الكثير أيضا أسبقية إسلامه كرم الله وجهه على إسلام كل الصحابة إلا خديجة رضي الله عنها وجزموا بأسبقية إسلام أبي بكر رضي الله عنه مع أن الأدلة الحديثية والمنقول عن كثير من أعلام الصحابة أقوى بكثير جدا مما دل على تقدم إسلام أبي بكر رضي الله عنه ولو لم يكن منها إلا حديث سلمان أولكم وردا على الحوض أولكم إسلاما علي بن أبي طالب وحديث علي نفسه صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله كذا وكذا لا يصلي معه غيري إلا خديجة وحديث بن عباس رضي الله عنهما هو - يعني عليا - أول عربي