النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ١٣٧
بخطأ في اجتهاد ولا هفوة في فتوى ولم يدر ذلك المسكين أنها أجرت له الباطل في مجرى الحق وخدعته في دينه لأن عمله هذا هو المرضي للشيطان المغضب للرحمن والمضعف لقوام الدين والمباين لعمل العلماء المتقين (1).
وليت شعري أي عالم وأي مجتهد يسره أن يتأدب له اتباعه ويتركوا قول الله تعالى وقول رسوله عليه وآله السلام لقوله كيلا يردونه عليه لا والله

(١) شافهني يوما أحد المترسمين برسوم العلم وقد جرى في المجلس ذكر الخوارج وضلالهم فقال إن الرسالة التي سمعت أنك جمعتها في التحذير من تولي معاوية لأشد من ضلال الخوارج فقلت هل رأيتها قال لا قلت فها هي عفا الله عنك بين يديك فقل في مسألة واحدة منها أنها ضلال كي تتدبر البحث فيها حتى يظهر الحق من أي الطرفين فيعود كلانا إليه فإنه ضالة المؤمن فقال سبحان الله عنك بين يديك فقل في مسألة واحدة منها أنها ضلال كي تتدبر البحث فيها فأرشدني إليه أرشدك الله ولو في موضوع واحد من مواضيع الرسالة وأنا كفيل بأتباعك إذا هديتني إليه فقال إن الجدال معك لا يجوز فقلت إذا لم ترض النظر في هذه الرسالة فلنبحث في آية من كتاب الله تعالى أو حديث من أحاديث رسوله عليه الصلاة والسلام مما تضمنته هذه الرسالة فقال إن العلماء منعوا من الخوض في هذه المسائل ولو كان في آية قرآنية أو حديث نبوي ثم قام من المجلس وذهب مغاضبا فأنظر أيها المؤمن بما جاء عن الله ورسوله كيف ذهب بهؤلاء تعصبهم وتقليدهم لعلمائهم حتى إلى رفض كتاب الله تعالى وحديث نبيه عليه الصلاة والسلام فلا حول ولا قوة إلا بالله وقال لي آخر ما كتبته وجمعته في هذه الرسالة حق ولكنك أخطأت من جهة مخالفتك لمن تقدمك فأنهم ذكروا ما ذكروا مفرقا ولم يعلقوا عليه شيئا وأنت جمعت المتفرق ورتبت مقدماته واطلعت نتائجه وأثبت براهينه فأعلنت بصنيعك ما أسروه وجمعت ما شتتوه وأظهرت ما أخفوه فقلت له رحمك الله أترى إعلان الحق وإقامة البرهان هنا من الخطأ وكتمه من الصواب قال نعم حيث لم يكن لك سلف في ذلك فقلت لعل من سكت من السلف معذورون في في سكوتهم بخوف الفتنة من أمرائهم أو نحو ذلك وقد زال المانع اليوم وإن القرآن كان متفرقا فجمع والحديث كذلك فقال إن آخر كلمة أقولها لك إنه يجب عليك أن لا تفعل في هذا الباب إلا ما فعلوا فإن كان حقا فقد أصبته وإن كان خطأ فالخطأ معهم أولى لك من الإصابة وحدك ثم قام عني.
وقال لي ثالث إن الحق ما قلته في هذه المسائل أصدقه بقلبي ولا أقر به بلساني تحرجا من مخالفة من لم يقل من علمائنا بما قلته. انتهى جامعه.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»