عن الأخرى شوطا بعيدا فإذا تقهقر أصحابنا أهل السنة عن ما توغلوا فيه حتى تجاوزوا الحد من تعظيم من ليس حقه التعظيم وتبرئة من براءته من الفسق تكاد تكون كذبا صراحا وافتيانا على الله وإظهار مودة من حاد الله ورسوله من المسيئين صحبة رسول الله صلى الله عليه وآله والمحدثين الأحداث القبيحة بعده إلى الاعتراف بأنهم ظالمون فساق بغاة قاسطون كما ذكر الله يستحقون ما يستحقه الفسقة من الرفض والبعض والمقت وتقهقر غلاة الشيعة عن توغلهم وغلوهم في الطرف الآخر من ذم وسب من لا يستحق إلا المدح والإجلال والتوقير والتعظيم من كبار أصحاب نبيهم صلى الله عليه وآله واعترفوا بسوابقهم الحسنة وفضائلهم لاتفقنا نحن وإياهم في نقطة هي والله مركز الحق ومداره ونزع من الطائفتين وغر القلوب وغل الصدور وذهبت نزغات الشيطان من بينهم وتحققت فيهم بأكمل معانيها إخوة الإيمان ولكن الآفة والمصيبة كل المصيبة هو التعصب المذهبي والتقليد الصرف فإنه هو الذي يعمي البصائر عن الاستضاءة بأنوار الأدلة الواضحة ويصم الأذان عن استماعها فتجد الشخص المتعصب عندما تورد عليه دليلا مخالفا لمذهبه ومغائرا لمعتقده كالحائر المتخبط منتفخ الودجين محمر الأنف من الغضب يتطلب ما يجرح به ذلك الدليل أو يعارضه فإذا لم يجد لجأ إلى تفسيره أو تأويله بما يوافق هواه من التأويلات البعيدة أو تمسك في نقضه بما يشاكل نسج العنكبوت في الضعف فتراه يقول قال: فلان كذا وأفتى فلان بكذا في مقابلة قول الله تعالى ورسوله عليه وآله الصلاة والسلام حبا في نصرة مذهبه وطمعا في أن يكون الحق تبعا لهواه مقتنعا بتزيين النفس الأمارة له ذلك العمل السئ الذي هو إهدار قول الله تعالى أو قول رسوله صلى الله عليه وآله بتحكيم آراء الرجال وأقوالهم وتخييلها له بأنه قائم بعمل عظيم ينصر به السنة ويعزز به الدين وأنه ملتزم حسن الأدب والتواضع مع العلماء إذ لم يقدر على رد شئ من أقوالهم ولم يتهم أحدا منهم
(١٣٦)