قصرت في إعطائكم فقال الأحنف إنا والله ما نلومك على ما في خزائن الله ولكن على ما أنزله لنا من خزائنه فجعلته أنت في خزائنك وحلت بيننا وبينه (انتهى).
فانظر أيها المنصف رحمك الله كيف قاتل الصديق الناس على الشاة والبعير يمنعها الرجل من مال المسلمين واستحل دماءهم بذلك وهذا ابن أبي سفيان اغتصب الكل واستأثر به ظلما وبغيا ثم قيل مع ذلك أنه إمام حق وخليفة صدق تناقلوا هذا وتهافتوا عليه وأظهر كل ما عنده وبذل كل منهم جده في ذلك وجهده ويوم القيامة ترمى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة سبحانك هذا بهتان عظيم.
وهنا نقبض القلم عن تعداد ما بقي من بوائقه وفظائعه إذ لا طمع في استقصائها فإن المجال في ذلك فصيح جدا ومن ذا الذي يقدر على جمع بوائق جبار لبث بضعا وأربعين سنة في الإسلام وهو يتمرغ في حمئة الجور والبغي والفساد والمحادة لله ورسوله (1) على أن الرواة قد سكتوا عن أكثرها خوف الفتنة ثم جاء بعدهم علماء من أنصاره فطمسوا كثيرا مما نقله الرواة منها وليتهم اقتنعوا بما صنعوا لا بل أكثروا اللوم وشددوا النكير على من نقل شيئا من قبائحه ولم يتأوله له أو يطعن في سنده وإن كان بمنتهى مراتب الصحة وزعموا أن في ذلك فسادا عظيما لما فيه من الحط في مقدار كبار الصحابة الذين هم حملة الدين ونقلة القرآن حتى لام بعضهم العلامة المحدث ابن قتيبة على ذكره طرفا من ذلك في كتاب الإمامة والسياسة وغيره وفي