فمر بهما ثالث فأجلساه، فأكلوا الأرغفة الثمانية على السواء، ثم طرح لهما الثالث ثمانية دراهم عوضا عما أكله من طعامهما، فأعطى صاحب الأرغفة الخمسة لصاحب الأرغفة الثلاثة ثلاثة دراهم، وأمسك خمسة دراهم لنفسه. وادعى صاحب الثلاثة أربعة دراهم، فاختصما إلى علي.
فقال لهما علي: إن خصومتكما في أمر حقير، ثم قال لصاحب الثلاثة: خذ ما رضي به صاحبك - وهو الثلاثة - فان ذلك خير لك.
فقال: لا أرضى إلا بالدليل على الحق!
فقال علي: ليس لك في الدليل على الحق إلا درهم واحد.
فسأله عن بيان وجه ذلك.
فقال: أنتم ثلاثة أكلتم ثمانية أرغفة، ولا يعلم أكثركم أكلا، فتحملون على السواء. والأرغفة الثمانية أربعة وعشرين ثلثا، فأكل كل واحد منكم ثمانية أثلاث، فلصاحب الأرغفة الثلاثة تسعة أثلاث، أكل منها ثمانية أثلاث وبقي منها ثلث واحد، ولصاحب الأرغفة الخمسة خمسة عشر ثلثا، فأكل منها ثمانية أثلاث وبقي منها سبعة أثلاث، فله سبعة أثلاث زاد من أكله، فيأخذ سبعة درهم (1) ولصاحب الأرغفة الثلاثة ثلث واحد زاد من أكله، فله درهم واحد.
* * * ومن كلامه:
[89] الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا.
[90] الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم.