وإن الحكمين (لما) التقيا بدومة الجندل، أخذ عمرو يقدم أبا موسى في الكلام ويقول: إنك سبقت في الاسلام مني، وأنت أكبر مني سنا، فتكلم ثم أتكلم أنا، فجعل ذلك عادة (بينهما) (1)، وإنما كان مكرا وخديعة واغترارا له أن يقدمه فيبدأ بخلع علي عليه السلام ثم يرى رأيه.
وقال ابن ديزل في كتاب " صفين مما: إن عمرو أعطى أبا موسى صدر المجلس، والتقدم في الصلاة، وفي الطعام (لا يأكل حتى يأكل) و (كان) لا يتكلم قبله، و (إذا خاطبه فإنما) يخاطبه بأجل الأسماء، ويقول له: يا صاحب رسول الله، حتى اطمأن عليه وظن أنه لا يغشه.
ثم يوما قال له عمرو: أخبرني ما رأيك يا أبا موسى؟
قال: أرى أن أخلع هذين الرجلين، ونجعل الأمر شورى بين المسلمين يختارون من شاءوا.
فقال عمرو: الرأي والله رأيك.
فأقبلا إلى الناس وهم مجتمعون، فتكلم أبو موسى، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
(إن رأيي ورأي عمرو قد اتفق على أمر نرجو أن يصلح الله به شأن هذه الأمة.
فقال عمرو: صدق.
ثم قال له: تقدم يا أبا موسى فتكلم.
فقام ليتكلم، فدعا. ابن عباس، فقال له: ويحك! والله إني لأظنه خدعك، إن كنتما اتفقتما على أمر فقدمه قبلك ليتكلم به ثم تكلم أنت بعده، فإنه رجل غدار، ولا آمن أن يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك وبينه، فإذا قمت به في الناس