شرفا إلا أدركتموه، فلكم على الناس بتلك الفضيلة، ولهم به إليكم الوسيلة، والناس لكم حرب وعلى حربكم النسب، وإني موصيكم بوصية فاحفظوها:
أوصيكم بتعظيم هذه البنية فإن فيها مرضات الرب، وقواما للمعاش، وثبوتا للوطاة، وتصلوا أرحامكم، ففي صلتكم منسأة في الأجل وزيادة في العدد، واتركوا العقوق والبغي، ففيهما هلكت القرون الماضية قبلكم، أجيبوا الداعي، وأعطوا السائل، فإن فيهما شرفا للحياة والممات، وعليكم بصدق الحديث، وأداء الأمانة، فإن فيهما نفيا للتهمة، وجلالة في الأعين، واجتنبوا الخلاف على الناس، وتفضلوا عليهم، فإن فيهما محبة للخاصة، ومكرمة للعامة، وقوة لأهل البيت، وإني أوصيكم بمحمد خيرا، فإنه الأمين في قريش، والصديق في العرب، وهو جامع لهذه الخصال التي أوصيكم بها، قد جاءكم بأمر قبله الجنان، وأنكره اللسان مخافة الشنآن، وأيم الله لكأنني أنظر إلى صعاليك العرب وأهل الأطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته وصدقوا كلمته وعظموا أمره، فخاض بهم غمرات الموت، فصارت رؤساء قريش وصناديدها أذنابا، ودورها خرابا، وضعفاؤها أربابا، وإذا أعظمهم عليه أحوجهم إليه، وأبعدهم منه أخطاهم لديه، قد محضته العرب ودارها وصفت له بلادها وأعطته قيادها، فدونكم يا معشر قريش ابن أبيكم وأمكم، كونوا له ولاة، ولحزبه حماة، والله لا يسلك أحد منكم إلا رشد، ولا يأخذ أحد بهداه إلا سعد، ولو كان لنفسي مدة، وفي أجلي تأخير لكفيته الكوافي ولدافعت عنه الدواهي، غير أني أشهد بشهادته وأعظم مقالته. تم الخبر (1).