وباليوم الآخر فهو على قسمين:
فإما أن نقول: إنهم كانوا مؤمنين يكتمون إيمانهم للتقية، أو أن نقول: إنهم كانوا مؤمنين يتظاهرون بالإيمان دون خوف أو تقية، ويتدينون بحنيفية إبراهيم ويؤدون تعاليم الشريعة، والحجة عليهم عبد المطلب. ولا مانع من التمسك بتلك الشريعة مع رواج الديانات المختلفة في مكة يومها. وعلى كلا التقديرين فقد نالوا الأجر الجميل والثناء الجزيل في حالتي السر والعلن، والإخفاء والإفشاء.
فمذهب الإمامية وبعض علماء السنة على أنهم مضوا على الإيمان الكامل، وقصة إحياءهم كانت لتجديد العهد كما رواه الفريقان من المخالف والمؤالف.
أما ما أعتقده:
فقد ذكرت سابقا في أحوال خديجة وحمزة: أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ منهم العهد على قبول ولاية الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وإمامتهم، ورواية تعليمه (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة بنت أسد مشهورة حينما قال: «ابنك ابنك علي، لا جعفر ولا عقيل»، وفي حديث فاطمة الزهراء (عليها السلام) قال (عليه السلام): «هذا الجالس على شفير قبري بعلي، وإمامي علي بن أبي طالب» وهذا السؤال والتعليم والتلقين خاص بالكمل في الإيمان والدين.
والمراد بالإيمان الواقعي الذي يشكل روح الشهادتين هو الإقرار والإذعان بالولاية، وهو الإيمان بالمعنى الخاص، يعني معرفة أمير المؤمنين وأبناءه ومحبتهم وولايتهم. فما هو المانع في أن يحيي الله هؤلاء لتكميل درجاتهم بقبولهم الولاية، ليحشروا جميعا في الفرقة الإمامية، ويكونوا من الشيعة الاثني عشرية، لئلا يفقدوا غدا يوم القيامة شيئا من الكمالات ويسبقهم الآخرون في جنة الخلد، ويحرموا من مثوبات الشيعة. حتى لو لم يكن أمير المؤمنين يومها إماما إلا أن قبول ولايته من