قال الواقدي: فقام عبد المطلب فغسله وكفنه ودفنه، وبنى على قبره قبة عظيمة.. (1) وله مزار معروف في بني النجار.
قال المؤرخ المعاصر: إن آمنة استرضعت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حليمة السعدية زوجة الحارث، وبقيت مع ابنها ستة سنين، ثم استجازت عبد المطلب في زيارة أخوالها بني عبد النجار واصطحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) معها ليراه أخواله، فأجازها فخرجت مع أم أيمن، فلما قدمت برسول الله المدينة نزلت في دار النابغة مدفن زوجها عبد الله، فأقامت بها شهرا، ثم رجعت به، حتى إذا كانت بالأبواء قرب عسفان بين مكة والمدينة توفيت ودفنت هناك، فرجعت به أم أيمن - وكانت تحضنه - ودفعته إلى عبد المطلب جده الموحد المؤمن، فضمه إليه كما يضم الروح العزيزة، وهو يقول: ما رأيت قبله أطيب منه ولا أطهر قط ولا جسدا ألين منه ولا أطيب (2). وازداد عبد المطلب له رقة وحفظا، وبالغ في خدمته، حتى إذا بلغ النبي ثمان سنين وبلغ عبد المطلب مائة وعشرين سنة حضرته الوفاة، فخلع أردان هذه الدنيا الفانية ولبس حلل الدار الباقية، فدفعه إلى أبي طالب بن عبد مناف يكفله.
وكان عبد المطلب عليه سيماء الأنبياء، وكان حجة في قومه، وأبو طالب وصيه فقال: يا أبا طالب! إنني ألقي إليك بعد وصيتي، قال أبو طالب: ما هي؟ قال:
يا بني! أوصيك بعدي بقرة عيني محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنت تعلم محله مني ومقامه لدي، فأكرمه بأجل كرامة، ويكون عندك ليله ونهاره، ما دمت في الدنيا، الله ثم الله في حبيبه.