الوفاة دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبكى وقال: يا محمد! إني أخرج من الدنيا ومالي غم إلا غمك - إلى أن قال -: يا عم! إنك تخاف علي أذى أعادي ولا تخاف على نفسك عذاب ربي؟! فضحك أبو طالب وقال: يا محمد! دعوتني وكنت قدما أمينا، وعقد بيده على ثلاث وستين: عقد الخنصر والبنصر وعقد الإبهام على أصبعه الوسطى وأشار بأصبعه المسبحة يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فقام علي (عليه السلام) وقال:
الله أكبر والذي بعثك بالحق نبيا، لقد شفعك في عمك وهداه بك، فقام جعفر وقال:
لقد سدتنا في الجنة يا شيخي كما سدتنا في الدنيا، فلما مات أبو طالب أنزل الله تعالى: (يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون) ﴿١﴾ (2).
لقد مات عبد المطلب وعمره مائة وعشرون سنة، فبقي أبو طالب في خدمة النبي ستة وأربعين سنة وثمانية أشهر وأربعة وعشرين يوما، والأصح أنه توفي في السنة العاشرة من البعثة، وتوفيت خديجة بعده بثلاثة أيام، فسمي ذلك العام بعام الحزن، فلم يستطع النبي بعدها البقاء في مكة، وأمر بالهجرة إلى المدينة كما أشرنا سابقا في الحديث عن هجرة فاطمة الزهراء (عليها السلام).
وفي روضة الواعظين: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لما حضر أبا طالب الوفاة جمع وجوه قريش فأوصاهم، فقال:
يا معشر قريش! أنتم صفوة الله من خلقه، وقلب العرب، وأنتم خزنة الله في أرضه، وأهل حرمه، فيكم السيد المطاع، الطويل الذراع، وفيكم المقدم الشجاع، والواسع الباع، إعلموا; أنكم لم تتركوا للعرب في المفاخر نصيبا إلا حزتموه، ولا